رضا الناس غاية لا تُدرك .. ورضا الله غاية لا تُترك

Home / الحديث / رضا الناس غاية لا تُدرك .. ورضا الله غاية لا تُترك
رضا الناس غاية لا تُدرك .. ورضا الله غاية لا تُترك
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام :” من التمس رِضا اللهِ بسخَطِ الناسِ ؛ رضِيَ اللهُ عنه ، وأرْضى عنه الناسَ ، ومن التَمس رضا الناسِ بسخَطِ اللهِ ، سخِط اللهُ عليه ، وأسخَط عليه الناسَ ” صحيح الترغيب .
وفي اللفظ الاخر : “ منِ التمسَ رضا اللَّهِ بسَخطِ النَّاسِ كفاهُ اللَّهُ مؤنةَ النَّاسِ ، ومنِ التمسَ رضا النَّاسِ بسخطِ اللَّهِ وَكلَهُ اللَّهُ إلى النَّاسِ   صحيح الترمذي .
قال الحافظ ابن رجب-رحمه الله-:  ” فمن تحقق أن كل مخلوق فوق التراب فهو تراب فكيف يقدم طاعة من هو تراب على طاعة رب الأرباب ؟ أم كيف يُرضِي التراب بسخط الملك الوهاب ؟  إن هذا لشيء عُجاب ! ” اه
فعجباً لمن  يسعى وراء الرأس الفلاني أو المسؤول الفلاني، أو التاجر الفلاني، أو الغني الفلاني،… لكي يُرضيه فيبذل ما يسخط الله- تبارك وتعالى- من أجل رضا الناس، وعجباً لمن يريد أن يُوالى أهل الشرك أو أهل البدع فهو يعمل على نشر أفكارهم، ومخططاتهم، ويدافع عنهم كي يرضوا عنه وقد قال تعالى : “ولا تكن للخائنين خصيما ” وقال : “ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا ” . وعجباً لمن يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف،  ويأمر بالبدعة وينهى عن السُنة باسم التيسير والتخفيف وهو يغشّ الناس في دينهم أشد من الغش في أمور الدنيا .
ومن الناس من فيه خِصلة من خصال المنافقين فيريد ارضاء أهل السنة والاثر وأهل البدعة والتحزّب معا قال تعالى : ” وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ” ، ” الله يستهزئ بهم ويَمُدُّهم في طغيانهم يعمهون ” . عن ابن عُمَرَ عَن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ؛ تَعِيرُ إِلَى هَذِهِ مَرَّةً وَإِلَى هَذِهِ مَرَّةً) .رواه مسلم
وفي الحديث بيان حال المنافق، بأنه ليس له ثبات على العقيدة وعلى السنة، بل هو مع المؤمنين في ظاهره ومع أهل البدع في باطنه، وأيضاً هو دائماً حريص على المنافع الدنيوية، فإذا كان هناك نفع من أهل الحديث قال: أنا منكم. وإن رأى منفعة عند غيرهم، قال: أنا معكم. قال تعالى مُبيِّنا حال هؤلاء :
 مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء }.
ومن بديع كلام شيخ الإسلام- ابن تيمية – رحمه الله قال:  “… فإذا أرضيتهم بسخط الله لم تكن موقناً لا بوعده ولا برزقه ، فإنه إنما يحمل الإنسان على ذلك إما ميل إلى ما في أيديهم فيترك القيام فيهم بأمر الله لما يرجوه منهم وإما ضعف تصديقه بما وعد الله أهل طاعته من النصر والتأييد والثواب في الدنيا والآخرة فإنك إذا أرضيت الله نصرك ورزقك وكفاك مؤونتهم, وإرضاؤهم بما يسخطه إنما يكون خوفا منهم ورجاء لهم وذلك من ضعف اليقين وإذا لم يقدر لك ما تظن يفعلونه معك فالأمر في ذلك إلى الله لا لهم فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن, فإذا ذممتهم على ما لم يقدر كان ذلك من ضعف يقينك فلا تخفهم ولا ترجهم ولا تذمهم من جهة نفسك وهواك ولكن من حمده الله ورسوله منهم فهو المحمود ومن ذمه الله ورسوله منهم فهو المذموم.
يُحكى أن رجلاً مِن عُقلاء الناس كان له ولد، فقال له يوماً يا أبي ما للناس ينتقدون عليك أشياء وأنت عاقل ؟ ولو سعيت في مجانبتها سلمت من نقدهم.
فقال : يا بني إنك غِرٌّ لم تجرب الأمور وإن رضى الناس غاية لا تدرك وأنا أوقفك على حقيقة ذلك،
وكان عنده حمار فقال له : اركب هذا الحمار وأنا أتبعك ماشياً، فبينما هما كذلك إذ
قال رجل : انظر ما أقل أدب هذا الغلام ! يركب ويمشي أبوه ! وانظر ما أشد تخلف والده لكونه يتركه لهذا !
فقال له : انزلْ ! أَرْكَبُ أنا وامشِ أنت خلفي
 فقال شخص آخر : انظر هذا الشخص ما أقله بشفقة ركب وترك ابنه يمشي !
فقال له : اركب معي، 

فقال شخص : أشقاهما الله تعالى ! انظر كيف ركبا على الحمار وكان في واحد منهما كفاية !
فقال له : انزل بنا – وقَدَّماه وليس عليه راكب .
فقال شخص : لا خفف الله تعالى عنهما، انظر كيف تركا الحمار فارغاً وجعلا يمشيان خلفه !
فقال : يا بني، سمعت كلامهم، وعلمت أن أحداً لا يسلم من اعتراض الناس على أي حالة كان .

Visits: 5475