ما معنى : ” وَيُكبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا ” ؟

Home / الفقه / ما معنى : ” وَيُكبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا ” ؟
ما معنى : ” وَيُكبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا ” ؟
قال العلامة محمد بن علي فركوس الجزائري :”ان التكبير الجماعيُّ والاجتماعُ عليه بصوتٍ واحدٍ لم يُنقل عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم ما يقضي بمشروعيته، بل كُلُّ ذِكْرٍ لا يُشْرَعُ الاجتماعُ عليه بصوتٍ واحدٍ، سواءٌ كان تهليلًا أو تسبيحًا أو تحميدًا أو تلبيةً أو دعاءً، شُرِع رفعُ الصوت فيه أم لم يُشرع، فكان الذِّكر المنفردُ هو المشروعَ برفع الصوت أو بخفضه، ولا تعلُّقَ له بالغير.                                              
وقد نُقِل ـ في حَجَّة الوداع ـ أنَّ أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان منهمُ المكبِّر ومنهم المهلِّل ومنهم الملبِّي و« الأَصْلُ فِي العِبَادَاتِ التَّوْقِيفُ وَأَنْ لَا يُعْبَدَ اللهُ إِلَّا بِمَا شَرَعَ».
والمعلومُ في الاجتماع على صوتٍ واحدٍ أنه مِن عبادة النصارى في قراءتهم الإنجيلَ جماعةً في كنائسهم، ولا يُعلم ذلك في شرعنا.    
أمَّا الآثارُ الثابتةُ عن بعض السلف كابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهما كانا «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكبِّرَانِ، وَيُكبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا» رواه البخاري معلقا بصيغة الجزم .                           
وعند ابنُ أبي شيبة بسندٍ صحيحٍ عن الزهريِّ قال: “كَانَ النَّاسُ يُكَبِّرُونَ فِي العِيدِ حِينَ يَخْرُجُونَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ حَتَّى يَأْتُوا المُصَلَّى وَحَتَّى يَخْرُجَ الإِمَامُ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ سَكَتُوا، فَإِذَا كَبَّرَ كَبَّرُوا “. فإنَّ المراد: أنهم يقتدون به في التكبير وفي صفته لا أنهم يجتمعون على التكبير بصوتٍ واحدٍ.
وهذا يشبه صلاة المأمومين مع إمامهم، فإنهم يُكبِّرون بتكبيره في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، [وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا]، ..» ، ولا شكَّ أنَّ المأموم بعد تكبيرة الإمام لا يجتمع مع غيره مِن المأمومين في تكبيرات الإحرام ولا الانتقال.
لذلك ينبغي الاقتداءُ بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والاستنانُ بسُنَّته وسُنَّةِ الخلفاء الراشدين، وصحابته المرضيِّين السالكين هديَه، والمتَّبعين طريقتَه في الأذكار والأدعية وغيرهما، والشرُّ كُلُّ الشرِّ في مخالفته والابتداع في أمره قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»، وقال تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٣].
وأيضا مما ينبغي التنبيه به : ان تلحين التكبير والتهليل أو التغني  بالذكر والدعاء لم يرد في شرعنا ولم نأمر به انما الذي أمرنا به هو تحسين الصوت بالقران فقط بلا تلحين.  

قال الكمال بن الهمام الحنفي رحمه الله: (ومما تعارف عليه الناس في هذه الأزمان من التمطيط والمبالغة في الصياح والإشتهار لتحريرات النغم ، إظهارًا للصناعة النغمية لا إقامة العبودية ؛ فإنه لا يقتضي الإجابة – اجابة الدعاء – بل هو من مقتضيات الرد فاستبان أن ذلك من مقتضيات الخيبة والحرمان ).  «فيض القدير» للمناوي (1/229).                                 

وقال ابن همام ايضا: (ولا أرى أنّ تحرير النغم في الدعاء كما يفعله بعض القراء في هذا الزمان يصدر ممن يفهم معنى السؤال والدعاء وما ذاك إلا نوع لعبٍ، فإنه لو قدر في الشاهد سائل حاجة أدى سؤاله بتحرير النغم فيه من الخفض والرفع والتطريب والترجيع كالتغني نُسب البتة إلى السخرية واللعب ، إذ مقام طلب الحاجة هو التضرع لا التغني) اهـ.

 

Visits: 410