أصل ضلال بني آدم من الألفاظ المجملة والمعاني المشتبهة ، ولا سيما إذا صادفت أذهانًا مخبطة

Home / العقيدة والمنهج / أصل ضلال بني آدم من الألفاظ المجملة والمعاني المشتبهة ، ولا سيما إذا صادفت أذهانًا مخبطة
أصل ضلال بني آدم من الألفاظ المجملة والمعاني المشتبهة ، ولا سيما إذا صادفت أذهانًا مخبطة

يقول ابن القيم رحمه الله : “إن هؤلاء المعارضين للكتاب والسنة بعقلياتهم ، التي هي في الحقيقة جهليات ، إنما يبنون أمرهم في ذلك على أقوال مشتبهة محتملة ، تحتمل معاني متعددة ، ويكون ما فيها من الاشتباه في المعنى والإجمال في اللفظ يوجب تناولها بحق وباطل ، فبما فيها من الحق يَقْبَلُ مَن لم يُحِطْ بها علمًا ما فيها من الباطل ، لأجل الاشتباه والالتباس ، ثم يعارضون بما فيها من الباطل نصوص الأنبياء ، وهذا منشأ ضلال من ضل من الأمم قبلنا ، وهو منشأ البدع كلها ، فإن البدعة لو كانت باطلًا محضا لَمَا قُبلت ، ولبادر كل أحد إلى ردها وإنكارها ، ولو كانت حقًّا محضًا لم تكن بدعة ، وكانت موافقة للسنة ، ولكنها تشتمل على حق وباطل ، ويلتبس فيها الحق بالباطل ، كما قال تعالى : “وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون“[البقرة:42] ،

فنهى عن لبس الحق بالباطل وكتمانه ، ولبسه به خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر ، ومنه التلبيس ، وهو : التدليس والغش ، الذي يكون باطنه خلاف ظاهره ، فكذلك الحق إذا لبس بالباطل يكون فاعله قد أظهر الباطل في صورة الحق ، وتكلم بلفظ له معنيان : معنى صحيح ، ومعنى باطل ، فيتوهم السامع أنه أراد المعنى الصحيح ، ومراده الباطل ، هذا من الإجمال في اللفظ ، وأما الاشتباه في المعنى فيكون له وجهان ، هو حق من أحدهما وباطل من الآخر ، فيوهم إرادة الوجه الصحيح ويكون مراده الباطل ، فأصل ضلال بني آدم من الألفاظ المجملة والمعاني المشتبهة ، ولا سيما إذا صادفت أذهانًا مخبطة ، فكيف إذا انضاف إلى ذلك هوى وتعصب ؟  فسل مثبت القلوب أن يثبت قلبك على دينه ، وأن لا يوقعك في هذه الظلمات”[الصواعق المرسلة (3/927)] .

Hits: 285