بسم الله الرحمن الرحيم
يقول ابن الجوزي رحمه الله :
” خطرت لي فكرة فيما يجري على كثير من العالم من المصائب الشديدة ، والبلايا العظيمة التي تتناهى إلى نهاية الصعوبة فقلت: سبحان الله ! إن الله أكرم الأكرمين ، والكرم يوجب المسامحة . فما وجه هذه المعاقبة؟
فتفكّرت ، فرأيت كثيراً من الناس في وجودهم كالعدم، لا يتصفحون أدلة الوحدانية، ولا ينظرون في أوامر الله تعالى ونواهيه ، بل يجرون ـ على عاداتهم كالبهائم – ، فإن وافق الشرع مرادهم ، وإلا فمعولهم على أغراضهم .
وبعد حصول الدينار ، لا يبالون ، أمن حلال كان أم من حرام .
وإن سهلت عليهم الصلاة فعلوها ، وإن لم تسهل تركوها. ” انتهى كلامه
ويقول أيضا : ” أعلم أن الزمان لا يثبت على حال، كما قال عز وجل: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140] ، فتارة فقر، وتارة غنى، وتارة عز، وتارة ذل، وتارة يفرح الموالي، وتارة يشمت الأعادي.
فالسعيد من لازم أصلًا واحدًا على كل حال، وهو تقوى الله عز وجل، فإنه إن استغنى زانته، وإن افتقر فتحت له أبواب الصبر، وإن عوفي تمت النعمة عليه، وإن ابتلي، جملته.
ولا يضره إن نزل به الزمان أو صعد، أو أعراه، أو أشبعه، أو أجاعه؛ لأن جميع تلك الأشياء تزول وتتغير، والتقوى أصل السلامة، حارس لا ينام، يأخذ باليد عند العثرة، ويواقف على الحدود.
والمنكر من غرته لذة حصلت مع عدم التقوى، فإنها ستحول، وتخليه خاسرًا.
فالزم التقوى في كل حال، فإنك لا ترى في الضيق إلا السعة، وفي المرض إلا العافية، هذا نقدها العاجل، والآجل معلوم ” انتهى
ثم قال رحمه الله : “من علم قرب الرحيل عن مكة، استكثر من الطواف خصوصًا إن كان لا يؤمل العود، لكِبَرِ سِنِّه، وضعف قوته.
فكذلك ينبغي لمن قاربه ساحل الأجل بعلو سنه أن يبادر اللحظات، وينتظر الهاجم (الموت ) بما يصلح له، فقد كان في قوس الأجل منزع زمان الشباب، واسترخى الوتر في المشيب عن سية القوس ، فانحدر إلى القاب، وضعفت القوى، وما بقي إلا الاستسلام لمحارب التلف.
فالبدار البدار إلى التنظيف، ليكون القدوم على طهارة. “ انتهى
فالبدار البدار إلى التنظيف، ليكون القدوم على طهارة. “ انتهى
والحمد لله رب العالمين
Visits: 182