قال الإمام ابن القيم رحمه الله في هداية الحيارى ص39 :
” وَالْأَسْبَابُ الْمَانِعَةُ مِنْ قَبُولِ الْحَقِّ كَثِيرَةٌ جِدًّا فَمِنْهَا:
1. الْجَهْلُ بِهِ، وَهَذَا السَّبَبُ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى أَكْثَرِ النُّفُوسِ، فَإِنَّ مَنْ جَهِلَ شَيْئًا عَادَاهُ وَعَادَى أَهْلَهُ. فَإِنِ انْضَافَ إِلَى هَذَا السَّبَبِ
2. بُغْضُ مَنْ أَمَرَهُ بِالْحَقِّ وَمُعَادَاتُهُ لَهُ وَحَسَدُهُ كَانَ الْمَانِعُ مِنَ الْقَبُولِ أَقْوَى. فَإِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ
3. إِلْفُهُ وَعَادَتُهُ وَمُرَبَّاهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ وَيُعَظِّمُهُ قَوِيَ الْمَانِعُ. فَإِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ
4. تَوَهُّمُهُ أَنَّ الْحَقَّ الَّذِي دُعِيَ إِلَيْهِ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَاهِهِ وَعِزِّهِ وَشَهَوَاتِهِ وَأَغْرَاضِهِ قَوِيَ الْمَانِعُ مِنَ الْقَبُولِ جِدًّا. فَإِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ
5. خَوْفُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَشِيرَتِهِ وَقَوْمِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَجَاهِهِ كَمَا وَقَعَ لِهِرَقْلَ مَلِكِ النَّصَارَى بِالشَّامِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ازْدَادَ الْمَانِعُ مِنْ قَبُولِ الْحَقِّ قُوَّةً، فَإِنَّ هِرَقْلَ عَرَفَ الْحَقَّ وَهَمَّ بِالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُطَاوِعْهُ قَوْمُهُ وَخَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ فَاخْتَارَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى، كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُ قِصَّتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
6. وَمِنْ أَعْظَمِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ:” الْحَسَدُ” فَإِنَّهُ دَاءٌ كَامِنٌ فِي النَّفْسِ، وَيَرَى الْحَاسِدُ الْمَحْسُودَ قَدْ فُضِّلَ عَلَيْهِ، وَأُوتِيَ مَا لَمْ يُؤْتَ نَظِيرُهُ، فَلَا يَدَعُهُ الْحَسَدُ أَنْ يَنْقَادَ لَهُ وَيَكُونَ مِنْ أَتْبَاعِهِ. وَهَلْ مَنَعَ إِبْلِيسَ مِنَ السُّجُودِ لِآدَمَ إِلَّا الْحَسَدُ؟! فَإِنَّهُ لَمَّا رَآهُ قَدْ فُضِّلَ عَلَيْهِ وَرُفِعَ فَوْقَهُ، غُصَّ بِرِيقِهِ وَاخْتَارَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ بَعْدَ أَنْ كَانَ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ. ” اه
Visits: 400