إعقل وتوكل

Home / الفقه / إعقل وتوكل
إعقل وتوكل

بسم الله الرحمن الرحيم 

لقد جاءت جميع الشرائع بحفظ الضرورات الخمس ومنها حفظ النفس وأولى النفوس بالحفظ هي نفسك التي بين جنبيك فلا تعرضها للمهالك ولا لما يعود عليها بالضرر الحسي أو المعنوي .

ولذا فإن الإلتزام بوسائل الأمان والحماية التي قررها المختصون في جميع المجالات المهنية أو الصناعية أو المواصلات وغيرها واجب إذا كان في تركها تعريض جسد الإنسان للضرر أو التهلكة ، بل يأثم من ترك ذلك عمدا مع القدرة .

ومما أريد التنبيه عليه هنا مسألة ربط العامل جسده بحزام الأمان خاصة إذا كان يعمل في مكان مرتفع ويخشى عليه السقوط ، فإنه  -والحالة هذه – يجب عليه الأخذ بوسائل الامان التي تحميه فيما لو تعرض للسقوط وياثم بتركها .

كما أن المشغل أيضا عليه أن يوفر للعاملين أجهزة الامان والحماية اللازمة لذلك مع إلزامهم بها دون توان ولا تهاون ، لأن التفريط والتقصير في هذا الباب يوقعه في الإثم ويلزمه الضمان .

وقد جاءت أدلة كثيرة في الشرع تدل على ما قررناه آنفا ، يكفينا واحد منها : 

عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ، وَغَزَوْنَا نَحْوَ فَارِسَ ، فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ بَاتَ فَوْقَ بَيْتٍ لَيْسَتْ لَهُ إِجَّارٌ ، فَوَقَعَ فَمَاتَ ، فَبَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ . وَمَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ فَمَاتَ ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ ) .رواه الإمام أحمد في مسنده (20224) ، وحسنه الألباني .

قال ابن بطال رحمه الله :” ومعناه إن شاء الله – : فقد برئت منه ذمة الحفظ ؛ لأنه ألقى بيده إلى التهلكة وغرر بنفسه... ” .اه

فكم من أنفس زهقت بسبب التفريط في هذا الجانب – الاخذ بالاسباب – ولا يظن ظان أن هذا ينافي التوكل أو ينافي الإيمان بالقدر ، بل هو من تمامه ، لأن الله عز وجل أراد بنا أشياء ، وأراد منا أشياء ، فما أراده بنا طواه عنا ، وما أراده منا أمرنا أن نقوم به .

عن أنس بن مالك رضي الله عنه  أن النَّبيُّ عليه الصلاة والسلام قال للأعرابيِّ الَّذي تركَ النَّاقةَ سائبةً متوكل علَى اللهِ  : قالَ لهُ : ” إعقِلها وتوَكَّلْ ” . حسنه الالباني 

أي اربطها وتوكل فالربط لا ينافي التوكل بل هو داخل فيه .

وهكذا نقول لهؤلاء العاملين في الورشات المرتفعة خاصة : ” إعقل وتوكل “

والله أعلم والحمد لله رب العالمين .

Visits: 57