قال الإمام ابن القيم – رحمه الله – :قوله ﷺ في الحَدِيث “إن الله جميل يحب الجمال“
يتَناوَل جمال الثِّياب المسؤول عَنهُ في نفس الحَدِيث، ويدخل فِيهِ بطرِيق العُمُوم الجمال من كل شَيْء
فَهو سُبْحانَهُ يحب ظُهُور أثر نعْمَته على عَبده فَإنَّهُ من الجمال الَّذِي يُحِبهُ وذَلِكَ من شكره على نعمه وهو جمال باطِن فيحب أن يرى على عَبده الجمال الظّاهِر بِالنعْمَةِ والجمال الباطِن بالشكر عَلَيْها ولمحبته سُبْحانَهُ للجمال أنزل على عباده لباسا وزينة تجمّل ظواهرهم وتقوى تجمّل بواطنهم فَقالَ ﴿يا بَنِي آدَمَ قَدْ أنْزَلْنا عَلَيْكم لِباسًا يُوارِي سَوْآتِكم ورِيشًا ولِباسُ التَّقْوى ذَلِك خير﴾
والمَقْصُود أن هَذا الحَدِيث الشريف مُشْتَمل على أصلين عظيمين فأوله معرفَة وآخره سلوك
فَيعرف الله سُبْحانَهُ بالجمال الَّذِي لا يماثله فِيهِ شَيْء ويعبد بالجمال الَّذِي يُحِبهُ من الأقْوال والأعمال والأخلاق
فيحب من عَبده أن يجمل لِسانه بِالصّدقِ وقَلبه بالإخلاص والمحبة والإنابة والتوكل وجوارحه بِالطّاعَةِ وبدنه بِإظْهار نعمه عَلَيْهِ في لِباسه وتطهيره لَهُ من الأنجاس والأحداث والأوساخ والشعور والمكروهة والختان وتقليم الأظْفار فيعرفه بِصِفات الجمال ويتعرف إلَيْهِ بالأفعال والأقوال والأخلاق الجميلة فيعرفه بالجمال الَّذِي هو وصفه ويعبده بالجمال الَّذِي هو شَرعه ودينه فَجمع الحَدِيث قاعدتين المعرفَة والسلوك
Visits: 26