بسم الله الرحمن الرحيم
يقول ابن القيّم رحمه الله في – مدارج السالكين – :
” فرأس الأدب معه : كمال التسليم له ، والانقياد لأمره . وتلقي خبره بالقبول والتصديق ، دون أن يحمله معارضة خيال باطل ، يُسَمِّيه معقولا . أو يحمله شُبْهَةً أو شكا ، أو يقدم عليه آراء الرجال ، وزبالات أذهانهم ، فيوحده بالتحكيم والتسليم ، والانقياد والإذعان . كما وحد المرسل سبحانه وتعالى بالعبادة والخضوع والذل ، والإنابة والتوكل .
فهما توحيدان . لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما : توحيد المرسل . وتوحيد متابعة الرسول .
فلا يحاكم إلى غيره . ولا يرضى بحكم غيره . ولا يقف تنفيذ أمره . وتصديق خبره . على عرضه على قول شيخه وإمامه ، وذوي مذهبه وطائفته ، ومن يعظمه .
فإن أذنوا له نفذه وقبل خبره ، وإلا فإنْ طَلَبَ السلامة : أعرض عن أمره وخبره وفوضه إليهم ، وإلا حرفه عن مواضعه . وسمى تحريفه : تأويلا ، وحملا . فقال : نؤوله ونحمله .
فلأن يلقى العبد ربه بكل ذنب على الإطلاق – ما خلا الشرك بالله – خير له من أن يلقاه بهذه الحال .
فلأن يلقى العبد ربه بكل ذنب على الإطلاق – ما خلا الشرك بالله – خير له من أن يلقاه بهذه الحال .
ولقد خاطبت يوما بعض أكابر هؤلاء .
فقلت له : سألتك بالله ، لو قدر أن الرسول صلى الله عليه وسلم حي بين أظهرنا . وقد واجهنا بكلامه وبخطابه .
أكان فرضا علينا أن نتبعه من غير أن نعرضه على رأي غيره وكلامه ومذهبه ، أم لا نتبعه حتى نعرض ما سمعناه منه على آراء الناس وعقولهم ؟
فقال : بل كان الفرض المبادرة إلى الامتثال من غير التفات إلى سواه .
فقلت : فما الذي نسخ هذا الفرض عنا ؟ وبأي شيء نسخ ؟
فوضع إصبعه على فيه . وبقي باهتا متحيرا . وما نطق بكلمة .
فقال : بل كان الفرض المبادرة إلى الامتثال من غير التفات إلى سواه .
فقلت : فما الذي نسخ هذا الفرض عنا ؟ وبأي شيء نسخ ؟
فوضع إصبعه على فيه . وبقي باهتا متحيرا . وما نطق بكلمة .
ومن الأدب معه : أن لا يستشكل قوله ، بل تستشكل الآراء لقوله ، ولا يعارض نصه بقياس بل تهدر الأقيسة وتلقى لنصوصه .
ولا يحرف كلامه عن حقيقته لخيال يسميه أصحابه معقولا ، نعم هو مجهول ، وعن الصواب معزول ، ولا يوقف قبول ما جاء به صلى الله عليه وسلم على موافقة أحد ، فكل هذا من قلة الأدب معه صلى الله عليه وسلم . وهو عين الجرأة . ” اه
والحمد لله رب العالمين .
Visits: 166