الأمانة إنما عُرِضَت على آدم عليه السلام لا على جميع بنيه

Home / التفسير / الأمانة إنما عُرِضَت على آدم عليه السلام لا على جميع بنيه
الأمانة إنما عُرِضَت على آدم عليه السلام لا على جميع بنيه
الأمانة إنما عُرِضَت على آدم عليه السلام تخييرا أو تكليفا ، وبني آدم تبعا لأبيهم في حمل الأمانة (وهي التكاليف الشرعية وعلى رأسها توحيد رب البرية ) وكذا وجوب حفظها وأدائها .   
فقد روى الامام الطبري في تفسيره (19/ 197) بسند صحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ) قَالَ: ” عُرِضَتْ عَلَى آدَمَ، فَقَالَ: خُذْهَا بِمَا فِيهَا، فَإِنْ أَطَعْتَ غَفَرْتُ لَكَ، وَإِنْ عَصِيتَ عَذَّبْتُكَ، قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ، فَمَا كَانَ إِلَّا قَدْرَ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى أَصَابَ الْخَطِيئَةَ ” . 
 
وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : “وحملها الإنسان “ قال : آدم .
  
إذًا ليس كل الناس خُيِّرُوا فاختاروا أجمعون تَحَمُلَها ، وإنما اختار تَحَمُلَها أبوهم ، وكانوا له في ذلك تَبَعا .
 
وهذا الاختيار الحاصل هو في الحقيقة تشريف من الله تعالى ، وتوفيق منه لآدم عليه السلام ، لأن تحمل الأمانة والقيام بأعمال العبودية لله ، من صلاة وصيام وزكاة وذكر وبر وحسن خلق وغير ذلك : هو من باب الكرامة والتشريف والتوفيق ، وليس بسبب عدم التوفيق في الاختيار .
 
وقد قيل : إن الإنسان لم يخير ، وإنما أخبر الله تعالى أنه حملها ، ولم يخبر أنه خيره ، فحمّله الله إياها إكراما له وتشريفا، لكنه قصّر في تحملها.
 قال القرطبي رحمه الله :” هَذَا الْعَرْضُ على السموات والأرض والجِبال عَرْضُ تَخْيِيرٍ لَا إِلْزَامٍ. وَالْعَرْضُ عَلَى الْإِنْسَانِ إِلْزَامٌ ” انتهى من ” تفسير القرطبي ” (14/ 255) .
 
قال العلامة الشنقيطي في (أضواء البيان): ” الظاهر أن المراد بالإنسان آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وأن الضمير في قوله: (إنه كان ظلوما جهولاراجع للفظ الإنسان مجردا عن إرادة المذكور منه، الذي هو آدم. والمعنى: إنه ـ أي الإنسان الذي لا يحفظ الأمانة ـ كان ظلوما جهولا، أي: كثير الظلم والجهل ” . اهـ.
 
(وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) هاتان الصفتان – الظلم والجهل – هو الغالب في جنس بني آدم إلا من وفقه الله تعالى وآتاه العلم والعدل اللذين بهما يزول عنه وصف الجهل والظلم وعلى رأس هؤلاء الموفقين المرحومين الأنبياء والمرسلون ثم الصديقون والشهداء والصالحون 

Hits: 211