إن رسالة المرأة هي الأمومة بما تحمله، وهي أوسع من مجرد الإنجاب، بل التربية التي تُعَدُّ الفرد الصالح.
ثم إن عمل المرأة في بيتها إن ظنه البعض صغيرًا فهو كبير تلتقي فيه كثير من التخصصات ويحتاج لما تحتاج له دولة، يحتاج للعلم والفكر، يحتاج الدقة، يحتاج الإدارة، يحتاج الاقتصاد، يحتاج الرقة والإحساس، يحتاج لسمو المبادئ. إن المرأة التي تنظر لعمل البيت نظرة استصغار لدليل على أنها لم تفهمه حق الفهم، ومن ثم لن تقوم به، كذلك الذين يرون أنها معطلة في بيتها إما أنهم لا يفهمون هذا العمل، أو أنهم يفهمونه ولكن في قلوبهم مرض.
هل يصح أن نقول: إن المرأة إذا تفرغت للعناية بالأسرة تبقى معطلة ويخسر المجتمع نصف طاقاته.
من الضروري أن تفهم المرأة هذا الدور الكبير في ظل العقيدة {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إنه عبادة، فليس عملاً قسريًا، أو عملاً روتينيًا، بل هو عمل فيه روح لمن أدركت أهداف الحياة وسر وجود الإنسان. قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت) [رواه أحمد )
وأداء العبادة هو أكبر معين للمرأة على أداء دورها بإتقان في بيتها فالمرأة الصالحة هي التي تؤدي دورها على الوجه المطلوب، كما أن ذلك هو أساس التربية الصالحة بالقدوة، حيث إن قيام المرأة بأداء العبادة بخشوع وطمأنينة له أكبر الأثر على من في البيت من الأطفال وغيرهم، فحينما تحسن المرأة الوضوء، ثم تقف أمام ربها خاشعة خاضعة ستربى في الأطفال هذه المعاني بالقدوة إضافة للبيان والتوجيه بالكلام. وهذا الجانب وإن كان معلومًا لكن لابد أن تتضح أهدافه وغاياته وأثره ويُفهم بعيدًا عن الروتين القاتل للمعاني السامية.
من المجالات التي يظهر فيها دور المرأة في تربية الأسرة (تربية الطفل) وهذا من أهم المجالات وأخطرها لسببين: الأول: لأنه موجّه للطفل ومن الطفل تتكون الأمة، وعلى أي حال كان واقع الطفل وتربيته اليوم سيكون وضع الأمة في المستقبل كذلك، ومن هنا ندرك أنه سيمر عبر مدرسة الأم أفراد الأمة كلهم. ( فكيف اذا كان الموجّه له حاضنة فاسقة أو فاجرة!!) الثاني: ولأن الطفل كثير المجاهيل ينطبق عليه أنه واضح غامض، سهل صعب، لذا فرعايته وتربيته تحتاج لجهد ليس سهلاً
ومن خصائص الطفل التي لابد أن يعرفها من أراد أن يربي الطفل على منهج تربوي سليم ومنها: 1ـ القابلية : فالطفل صفحة بيضاء لم يتعمق لديه أي سلوك أو أفكار، قابل للتعديل والتوجيه. مثل الغصن اللين قابل للتشكيل على أي شكل تريد، إذن فلا بد أن تعي المرأة دورها في هذا الأمر.
2 ـ مادية في التفكير:فلا تقلق الأم إذا لم يفهم بعض الأمور؛ لأنه يربط ما أمامه بالتفكير المادي، فلو قلت له ثلاثة زائد ثلاثة لم يفهم، لكن ضع أمامه ثلاثة أقلام، وثلاثة، يقول: ستة وهكذا. من أجل هذا فهو لا يكلف إلا بعد البلوغ ولتربيته على الصفات الحميدة لابد أن تربط بآثارها العملية المحسوسة له.
3 ـ الفردية، والأنانية، كل شيء له، دور المربي إخراجه منها حتى يحترم الآخرين.
4 ـ الطفل له حاجات لابد منها إذا لم توفر له تعرقل نموه، أو تنشئ عنده سلوكيات سيئة، منها:
أ ـ الحب والأمن من أبويه.
ب ـ التقدير والثقة فإنه إذا لم يحترم ويعطى الثقة ينشأ عنده عدم الثقة بالنفس.
جـ ـ الرفقة، لابد له من صحبة، فينبغي اختيار الرفقة الذين اعتني بتربيتهم حتى لا يقع التناقض.
كيف نربي الطفل؟
كل ما نعمله من وسائل لتربية الطفل يرجع إلى أحد الطرق الآتية:
1ـ التلقين وهذا يعتمد فيه على مجرد الأمر وهو غير مجد كثيرًا، وللأسف أنه المستعمل لدى كثير من الناس.
2 ـ يضاف مع التلقين أمر آخر كالنصح أو الترغيب والترهيب، وهذا أجدى من سابقه.
3 ـ بالملاحظة والتقليد، وهذا أهمها وأخطرُها وهنا دور القدوة والسلوكيات في البيت وسلوك الأم كيف يكون حال الطفل، فل تستطيع تعليمه الصدق ونهيه عن الكذب وهي تكذب أمامه.
مقتبس من محاضرة للعلامة الفوزان – حفظه الله – بعنوان ” فقه المرأة “
Visits: 321