
قال الامام الشنقيطي في قوله: " وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ": هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ كَذَّبَ الرُّسُلَ يَحِقُّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ، أَيْ يَتَحَتَّمُ وَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِ ثُبُوتًا لَا يَصِحُّ مَعَهُ تَخَلُّفُهُ عَنْهُ ، وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يَصِحُّ أَنْ يُخْلِفَ وَعِيدَهُ ، لِأَنَّهُ قَالَ : إِنَّهُ لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُ لَا يُخْلِفُ وَعِيدَهُ ، وَأَنَّ إِخْلَافَ الْوَعِيدِ حَسَنٌ لَا قَبِيحَ ، وَإِنَّمَا الْقَبِيحُ هُوَ إِخْلَافُ الْوَعْدِ ، وَأَنَّ الشَّاعِرَ قَالَ : وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ لِمُخْلِفٌ إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي لَا يَصِحُّ بِحَالٍ . لِأَنَّ وَعِيدَهُ تَعَالَى لِلْكُفَّارِ حَقٌّ وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ ...

قال تعالى : " فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه " الكهف قال الامام الشنقيطي رحمه الله : " هذه الآية الكريمة من أكبر الأدلة التي يستدل بها القائلون : بأن المجاز في القرآن زاعمين أن إرادة الجدار الانقضاض لا يمكن أن تكون حقيقة ، وإنما هي مجاز ، وقد دلت آيات من كتاب الله على أنه لا مانع من كون إرادة الجدار حقيقة ; لأن الله تعالى يعلم للجمادات إرادات وأفعالا وأقوالا لا يدركها الخلق كما صرح تعالى بأنه يعلم من ذلك ما لا يعلمه خلقه في قوله جل وعلا : " وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم [ 17 \ 44 ] " ، فصرح بأننا ...

يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : " وقد دلّ القرآن على أنّه سبحانه لا يؤيّد الكذّاب عليه، بل لا بُدّ أن يظهر كذبه، وأن ينتقم منه. فقال تعالى: " وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيل لأَخَذْنَا مِنْهُ بِاليَمِين ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِين فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ؛ ذكر هذا بعد قوله: فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُون * وَمَا لا تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيم * وَمَا هُو بِقَولِ شَاعِرٍ * قليلاً ما تُؤْمِنُون * وَلا بِقَولِ كَاهِنٍ * قَليلاً مَا تَذَكَّرُون * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ ، ثمّ قال: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيل * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِاليَمِين * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِين * فَمَا مِنْكُمْ ...

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " يقول ابن القيم رحمه الله معلقاً عل الآية السابقة : "وفي قوله : " تمشون به " إعلام بأن تصرفهم وتقلبهم الذي ينفعهم إنما هو النور وأن مشيهم بغير النور غير مجد عليهم ولا نافع لهم بل ضرره أكثر من نفعه . وفيه أن أهل النور هم أهل المشي في الناس ومن سواهم أهل الزمانة ( المرض المستديم ) والانقطاع فلا مشي لقلوبهم ولا لأحوالهم ولا لأقوالهم ولا لأقدامهم إلى الطاعات وكذلك لا تمشي على الصراط إذا مشت بأهل ...

قال تعالى : " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون " يقول الامام ابن القيم رحمه الله : " ومتى ضعف صبره ويقينه رجع من الطريق ولم يتحمل مشقتها ولا سيما إن عدم الرفيق واستوحش من الوحدة وجعل يقول : أين ذهب الناس فلي بهم أسوة ! وهذه حال أكثر الخلق وهي التي أهلكتهم . فالبصير الصادق لا يستوحش من قلة الرفيق ولا من فقده إذا استشعر قلبه مرافقة الرعيل الأول الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . فتفرد العبد في طريق طلبه دليل على صدق الطلب . ولقد سئل إسحاق بن راهويه عن مسألة فأجاب فقيل له ...

{قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى} [طه: 120] . قال العلامة ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان :" وإنما كذبهما عدو الله، وغرّهما، وخدعهما؛ بأن سمّى تلك الشجرة شجرة الخلد، فهذا أول المكر والكيد، ومنه وَرِثَ أتباعه تسمية الأمور المحرمة بالأسماء التي تحبُّ النفوسُ مسمَّياتها، فسمَّوا الخمر أمَّ الأفراح، وسمَّوا أخاها بلُقَيْمة الراحة، وسمَّوا الربا بالمعاملة، وسمَّوا المُكُوسَ بالحقوق السلطانية، وسمَّوا أقبح الظلم وأفحشه شرع الديوان، وسمَّوا أبلغ الكفر -وهو جحد صفات الرب- تنزيهًا، وسمَّوا مجالس الفسوق مجالس الطَّيبة! فلما سمَّاها شجرة الخلد قال: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا كراهة أن تأكلا منها فتخلدا في الجنة ولا ...

يقول الامام ابن القيم رحمه الله :" فإن الله يحب التوابين، ومن محبته لهم فرحه بتوبة أحدهم أعظم فرح وأكمله، فإذا أثمرت له التوبة هذه المحبة ورجع بها إلى طاعاته التى كان عليها أولاً انضم أثرها إلى أثر تلك الطاعات فقوى الأثران فحصل له المزيد من القرب والوسيلة . وهذا بخلاف ما يظنه من نقصت معرفته بربه من أنه سبحانه إذا غفر لعبده ذنبه فإنه لا يعود الود الذى كان له منه قبل الجناية، واحتجوا فى ذلك بأثر إسرائيلى مكذوب أن الله قال لداود عليه السلام: " يا داود، أما الذنب فقد غفرناه، وأما الود فلا يعود "وهذا كذب قطعاً . فإن الود يعود [بعد] التوبة النصوح ...

" 1- تَقْدِيمِ الْغَايَاتِ عَلَى الْوَسَائِلِ ، إِذِ " الْعِبَادَةُ " غَايَةُ الْعِبَادِ الَّتِي خُلِقُوا لَهَا ، وَ " الِاسْتِعَانَةُ " وَسِيلَةٌ إِلَيْهَا . 2- وَلِأَنَّ " إِيَّاكَ نَعْبُدُ " مُتَعَلِّقٌ بِأُلُوهِيَّتِهِ وَاسْمِهِ " اللَّهِ " " وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " مُتَعَلِّقٌ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَاسْمِهِ " الرَّبِّ " فَقَدَّمَ " إِيَّاكَ نَعْبُدُ " عَلَى " إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " كَمَا قَدَّمَ اسْمَ " اللَّهِ " عَلَى " الرَّبِّ " فِي أَوَّلِ الْسُورَةِ . 3- وَلِأَنَّ " إِيَّاكَ نَعْبُدُ " قَسْمُ " الرَّبِّ " ، فَكَانَ مِنَ الشَّطْرِ الْأَوَّلِ ، الَّذِي هُوَ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، لِكَوْنِهِ أَوْلَى بِهِ ، وَ" إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " قَسْمُ الْعَبْدِ ، فَكَانَ مِنَ الشَّطْرِ الَّذِي لَهُ ، وَهُوَ " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " إِلَى آخِرِ السُّورَةِ . 4- وَلِأَنَّ " الْعِبَادَةَ ...

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا " يقول الامام ابن القيم رحمه الله : " فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا : مَنْ كَانَ مَيِّتَ الْقَلْبِ بِعَدَمِ رُوحِ الْعِلْمِ وَالْهُدَى وَالْإِيمَانِ ، فَأَحْيَاهُ الرَّبُّ تَعَالَى بِرُوحٍ أُخْرَى غَيْرِ الرُّوحِ الَّتِي أَحْيَا بِهَا بَدَنَهُ ، وَهِيَ رُوحُ مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ ، وَمَحَبَّتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ؛ إِذْ لَا حَيَاةَ لِلرُّوحِ إِلَّا بِذَلِكَ ، وَإِلَّا فَهِيَ فِي جُمْلَةِ الْأَمْوَاتِ ، وَلِهَذَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ عُدِمَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ ، فَقَالَ : " أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ " ، وَقَالَ تَعَالَى : " إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ " . وَسُمِّيَ وَحْيُهُ ...

يقول الامام ابن القيم رحمه الله :" أَمَّا الشِّرْكُ فِي الْعِبَادَةِ ، فَإِنَّهُ يَصْدُرُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ وَلَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ، وَلَكِنْ لَا يَخُصُّ اللَّهَ فِي مُعَامَلَتِهِ وَعُبُودِيَّتِهِ، بَلْ يَعْمَلُ لِحَظِّ نَفْسِهِ تَارَةً، وَلِطَلَبِ الدُّنْيَا تَارَةً، وَلِطَلَبِ الرِّفْعَةِ وَالْمَنْزِلَةِ وَالْجَاهِ عِنْدَ الْخَلْقِ تَارَةً، فَلِلَّهِ مِنْ عَمَلِهِ وَسَعْيِهِ نَصِيبٌ، وَلِنَفْسِهِ وَحَظِّهِ وَهَوَاهُ نَصِيبٌ، وَلِلشَّيْطَانِ نَصِيبٌ، وَلِلْخَلْقِ نَصِيبٌ، وَهَذَا حَالُ أَكْثَرِ النَّاسِ، وَهُوَ الشِّرْكُ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: «الشِّرْكُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ، قَالُوا: كَيْفَ نَنْجُو مِنْهُ ...
Visits: 1889