قال تعالى : " لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ" ولشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ورفع درجته في المهديين كلام بديع في تفسير هذه الآية ، حيث قال : " وفي معنى قوله تعالى: لم يكن هؤلاء وهؤلاء {مُنفَكِّينَ}، ثلاثة أقوال ذكرها غير واحد من المفسرين: 1- هل المراد لم يكونوا منفكين عن الكفر؟ 2- أو هل لم يكونوا مكذبين بمحمد حتى بعث، فلم يكونوا منفكين عن محمد والتصديق بنبوته حتى بعث؟ 3- أو المراد أنهم لم يكونوا متروكين حتى يُرسَل إليهم رسول ؟ فنقول: القول الثالث وهو أصح الأقوال لفظًا ومعنى. أما من جهة اللفظ ودلالته وبيانه، فإن ...
قال تعالى : " لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وقالوا هذا إفك مبين " قال الامام أبو بكر ابن العربي في تفسيره : " فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْمَعْنَى ظَنَّ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ خَيْرًا ، وَجَعَلَ الْغَيْرَ مَقَامَ النَّفْسِ ،لِذِمَامِ الْإِيمَانِ كَمَا بَيَّنَّا فِي قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } أَيْ لا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : هَذَا أَصْلٌ فِي أَنَّ دَرَجَةَ الْإِيمَانِ الَّتِي حَازَهَا الْإِنْسَانُ ، وَمَنْزِلَةَ الصَّلَاحِ الَّتِي حَلَّهَا الْمَرْءُ ، وَلُبْسَةَ الْعَفَافِ الَّتِي تَسَتَّرَ بِهَا الْمُسْلِمُ لَا يُزِيلُهَا عَنْهُ خَبَرٌ مُحْتَمَلٌ ، وَإِنْ شَاعَ ، إذَا كَانَ أَصْلُهُ فَاسِدًا أَوْ مَجْهُولًا . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : { وَقَالُوا هَذَا إفْكٌ مُبِينٌ } :أَيْ كَذِبٌ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّهُ ...
قال الإمام القرطبي – رحمه الله - : روي عن علي بن الحسين : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أوحى الله تعالى إليه أن زيداً يطلق زينب ، وأنه يتزوجها بتزويج الله إياها ، فلمَّا تشكى زيد للنبي صلى الله عليه وسلم خُلُق زينب ، وأنها لا تطيعه ، وأعلمه أنه يريد طلاقها : قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على جهة الأدب والوصية : " اتق الله في قولك ، وأمسك عليك زوجك " وهو يعلم أنه سيفارقها ويتزوجها ، وهذا هو الذي أخفى في نفسه ، ولم يُرد أن يأمره بالطلاق ؛ لما علم أنه سيتزوجها ، وخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
يقول الامام ابن جرير الطبري: إن قال لنا قائل: وما وجه رغبة سليمان إلى ربه في الملك، وهو نبيّ من الأنبياء، وإنما يرغب في الملك أهل الدنيا المؤثِرون لها على الآخرة؟ أم ما وجه مسألته إياه، إذ سأله ذلك مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده، وما كان يضرّه أن يكون كلّ من بعده يُؤْتَى مثل الذي أوتي من ذلك؟ قيل: أما رغبته إلى ربه فيما يرغب إليه من المُلك، فلم تكن إن شاء الله به رغبةً في الدنيا، ولكن إرادة منه أن يعلم منزلته من الله في إجابته فيما رغب إليه فيه، وقبوله توبته، وإجابته دعاءه. وأما مسألته ربه مُلكا لا ينبغي لأحد من ...
قال تعالى : " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين * وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ". قال الامام ابن القيم رحمه الله - في مفتاح دار السعادة - : " فأخبر سبحانه ان من ابتلاه بقرينه من الشياطين وضلاله به إنما كان بسبب إعراضه وعشوه عن ذكره الذي أنزله على رسوله، فكان عقوبة هذا الإعراض أن قيض له شيطانا يقارنه، فيصده عن سبيل ربه، وطريق فلاحه، وهو يحسب أنه مهتد؛ حتى إذا وافى ربه يوم القيامة مع قرينه، وعاين هلاكه وإفلاسه، قال: " يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ". وكل من أعرض عن الاهتداء بالوحي الذي هو ذكر ...
قال تعالى : " يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ..." قال القاضي ابن العربي المالكي في تفسيره أحكام القرآن : - الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ : { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ } يَعْنِي فِي الْفَضْلِ وَالشَّرَفِ فَإِنَّهُنَّ وَإِنْ كُنَّ مِنْ الْآدَمِيَّاتِ فَلَسْنَ كَإِحْدَاهُنَّ ، كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْبَشَرِ جِبِلَّةً ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ فَضِيلَةً وَمَنْزِلَةً ، وَشَرَفُ الْمَنْزِلَةِ لَا يَحْتَمِلُ الْعَثَرَاتِ ، فَإِنَّ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ ، وَتُرْفَعُ مَنْزِلَتُهُ عَلَى الْمَنَازِلِ جَدِيرٌ بِأَنْ يَرْتَفِعَ فِعْلُهُ عَلَى الْأَفْعَالِ ، وَيَرْبُوَ حَالُهُ ...
الشيخ العلامة ابن عثيمين يسأل ويجيب : 1- هل أمُّ إبراهيم عليه السلام مؤمنة أو غير مؤمنة؟ والجواب: أنها مؤمنة، والدليل في قول الله عز وجل عن إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ [إبراهيم: 41]، فنهاه الله عن استغفاره لأبيه، وسكت عن استغفاره لأمِّه، إذًا هي مؤمنة. 2- هل أبوا نُوحٍ عليه السلام أعني أمه وأباه، هل هما مؤمنان أو كافران؟ الجواب: مؤمنان، والدليل على أنهما مؤمنان قول نوح عليه السلام: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [نوح: 28]، مثلُ هذا الاستنباط يحُثُّ طالب العلم على تدبُّر القرآن، والعلم كلُّ العلم في القرآن الكريم، ...
عن الامام مجاهد بن جبر : " ( فلأنفسهم يمهدون ) قال : يسوون المضاجع " اه قال العلامة الألوسي في تفسيره : " ( يَمْهَدُونَ ) مِنْ مَهَدَ فِرَاشَهُ وَطَّأَهُ، أَيْ يُوَطِّؤُونَ لِأَنْفُسِهِمْ كَمَا يُوَطِّئُ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ فِرَاشَهُ لِئَلَّا يُصِيبَهُ فِي مَضْجَعِهِ مَا يُنْبِيهِ وَيُنَغِّصَ عَلَيْهِ مَرْقَدَهُ مِنْ نُتُوءٍ أَوْ قَضَضٍ، أَوْ بَعْضِ مَا يُؤْذِي الرَّاقِدَ، فَكَأَنَّهُ شَبَّهَ حَالَةَ الْمُكَلَّفِ مَعَ عَمَلِهِ الصَّالِحِ وَمَا يَتَحَصَّلُ بِهِ مِنَ الثَّوَابِ وَيَتَخَلَّصُ مِنَ الْعِقَابِ بِحَالَةِ مَنْ يُمَهِّدُ فِرَاشَهُ وَيُوَطِّؤُهُ لِيَسْتَرِيحَ عَلَيْهِ، وَلَا يُصِيبَهُ فِي مَضْجَعِهِ مَا يُنَغِّصُ عَلَيْهِ.... وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ التَّوْطِئَةَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنَ الْقَبْرِ وَغَيْرِهِ "اه قال العلامة القرطبي في تفسيره : " وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ " أَيْ يُوَطِّئُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فِي الْآخِرَةِ فِرَاشًا وَمَسْكَنًا وَقَرَارًا بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ ; ...
يقول الامام ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد :" فتأمل هذه الجلالة وهذه العظمة التي تضمنته هذه الألفاظ الثلاثة على أبدع نظام وأحسن سياق :" رب الناس ملك الناس إله الناس " ، وقد اشتملت هذه الإضافات الثلاث على جميع قواعد الإيمان وتضمنت معاني أسمائه الحسنى أما تضمنها لمعاني أسمائه الحسنى : - فإن الرب هو القادر الخالق البارئ المصور الحي القيوم العليم السميع البصير المحسن المنعم الجواد المعطي المانع الضار النافع المقدم المؤخر الذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء ويسعد من يشاء ويشقي ويعز من يشاء ويذل من يشاء إلى غير ذلك من معاني ربوبيته التي له منها ما يستحقه من الأسماء الحسنى ...
قال تعالى : " وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ " الانعام. وقال تعالى : "كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِيدِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ " يوسف قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :" ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ يَرْفَعُ دَرَجَاتِ مَنْ يَشَاءُ فِي قِصَّةِ مُنَاظِرَةِ إبْرَاهِيمَ وَفِي قِصَّةِ احْتِيَالِ يُوسُفَ وَلِهَذَا قَالَ السَّلَفُ : بِالْعِلْمِ ; فَإِنَّ سِيَاقَ الْآيَاتِ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَقِصَّةُ إبْرَاهِيمَ فِي الْعِلْمِ بِالْحُجَّةِ وَالْمُنَاظَرَةِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْخَصْمِ عَنْ الدِّينِ وَقِصَّةُ يُوسُفَ فِي الْعِلْمِ بِالسِّيَاسَةِ وَالتَّدْبِيرِ لِتَحْصُلَ مَنْفَعَةُ الْمَطْلُوبِ فَالْأَوَّل : عَلِمَ بِمَا يَدْفَعُ الْمَضَارَّ فِي الدِّينِ وَالثَّانِي : عَلِمَ بِمَا يَجْلِبُ الْمَنَافِعَ أَوْ يُقَالُ : الْأَوَّلُ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي يَدْفَعُ الْمَضَرَّةَ عَنْ الدِّينِ وَيَجْلِبُ مَنْفَعَتَهُ وَالثَّانِي : عَلِمَ بِمَا ...
Visits: 1716