قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” فإذا كان أقوام منافقون يبتدعون بدعًا تخالف الكتاب ويلبسونها على الناس ولم تبين للناس فسد أمر الكتاب وبُدِّل الدين؛ كما فسد دين أهل الكتاب قبلنا بما وقع فيه من التبديل الذي لم ينكر على أهله.
وإذا كان أقوام ليسوا منافقين لكنهم سمَّاعون للمنافقين قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقًا؛ وهو مخالف للكتاب وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين كما قال تعالى: “لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالًا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم“، فلا بد أيضًا من بيان حال هؤلاء؛ بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم!!،
فإنَّ فيهم إيمانًا يوجب موالاتهم وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين فلا بد من التحذير من تلك البدع وإنْ اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم؛ بل ولو لم يكن قد تلقوا تلك البدعة عن منافق لكن قالوها ظانين أنها هدى وأنها خير وأنها دين ولم تكن كذلك؛ لوجب بيان حالها ” .اه[المجموع 233-234]
واعلم أن خيرية هذه الامة التي تميزت بها عن الامم السابقة هي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
قال تعالى : ” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله “
قال القرطبي في تفسيره : قوله تعالى : ” تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ” : مدح لهذه الأمة ما أقاموا ذلك واتصفوا به . فإذا تركوا التغيير وتواطئوا على المنكر زال عنهم اسم المدح ولحقهم اسم الذم، وكان ذلك سببا لهلاكهم ” اه
قال أيضا القرطبي في التذكرة : ” إذا كثر المفسدون وقَلَّ الصالحون هلك المفسدون والصالحون معهم إذا لم يأمروا بالمعروف ويكرهوا ما صنع المفسدون، وهو معنى قوله: ” واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة “.” اهـ.
ولهذا قال الامام مجاهد بن جبر : “ إنهم خير أمة على الشرائط المذكورة في الآية “
قال الشوكاني في تفسيره : “ وهذا يقتضي أن يكون تأمرون وما بعده في محل نصب على الحال أي : كنتم خير أمة حال كونكم آمرين ناهين مؤمنين بالله وبما يجب عليكم الإيمان به من كتابه ورسوله وما شرعه لعباده ، فإنه لا يتم الإيمان بالله سبحانه إلا بالإيمان بهذه الأمور ” اه
Visits: 119