قال الإمام الترمذي رحمه الله تعالى في العلل في آخر كتاب السنن: ((وقد عاب بعض مَنْ لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال، وقد وجدنا غير واحد من الأئمة من التابعين قد تكلَّموا في الرجال، منهم: الحسن البصري، وطاووس تكلَّما في معبد الجهني، وتكلَّم سعيد بن جبير في طلق بن حبيب، وتكلَّم إبراهيم النخعي وعامر الشعبي فى الحارث الأعور، وهكذا روى عن أيوب السختيانى وعبد الله بن عون وسليمان التيمى وشعبة بن الحجاج وسفيان الثورى ومالك بن أنس والأوزاعى وعبد الله بن المبارك ويحيى بن سعيد القطان ووكيع بن الجراح وعبد الرحمن بن مهدى وغيرهم من أهل العلم أنهم تكلموا في الرجال وضعَّفوا.
وإنما حملهم على ذلك عندنا والله أعلم النصيحة للمسلمين، لا يظن بهم أنهم أرادوا الطعن على الناس، أو الغيبة، إنما أرادوا عندنا أن يبينوا ضعف هؤلاء لكي يُعرفوا، لأنَّ بعض الذين ضُعِّفوا كان صاحب بدعة، وبعضهم كان متهماً في الحديث، وبعضهم كانوا أصحاب غفلة وكثرة خطأ، فأراد هؤلاء الأئمة أن يبينوا أحوالهم شفقة على الدين وتثبتاً، لأنَّ الشهادة في الدين أحق أن يتثبت فيها من الشهادة في الحقوق والأموال)).
وعلَّق العلامة ابن رجب رحمه الله تعالى على هذا الكلام في شرحه لعلل الترمذي فقال: ((مقصود الترمذي رحمه الله أن يبين أنَّ الكلام في الجرح والتعديل جائز، قد أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، لما فيه من تمييز ما يجب قبوله من السنن مما لا يجوز قبوله)).
Visits: 78