عن عمرو بن ميمون الأودي: قال قدم علينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فوقع حبه في قلبي، فلزمته حتى واريته في التراب بالشام، ثم لزمت أفقه الناس بعده عبد الله بن مسعود فَذُكر يوماً عنده تأخير الصلاة عن وقتها فقال: ” صلوا في بيوتكم واجعلوا صلاتكم معهم سبحة ” فقلت له : وكيف لنا بالجماعة؟ فقال لي : ” يا عمرو بن ميمون إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة ، إنما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك “.أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (ص 160) وصححه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح (1/61)
قال أبو شامة: ” وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة؛ فالمراد به لزوم الحق وإتباعه وإن كان المتمسك به قليلاً والمخالف كثيراً؛ لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة رضي الله عنهم ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل “
.[((الباعث على إنكار البدع والحوادث)) (ص : 22)]
وقال إسحاق بن راهوية رحمه الله: ” لو سألت الجهال عن السواد الأعظم لقالوا جماعة الناس، ولا يعلمون أن الجماعة عالم متمسك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم وطريقه فمن كان معه وتبعه فهو الجماعة “ أخرجه أبو نعيم في الحلية (9/239).
قال الشاطبي رحمه الله: ” فانظر حكايته تتبين غلط من ظن أن الجماعة هي جماعة الناس وإن لم يكن فيهم عالم وهو فهم العوام لا فهم العلماء؛ فليثبت الموفق في هذه المزلة قدمه لئلا يضل عن سواء السبيل، ولا توفيق إلا بالله”. [الاعتصام : (2/267)]
قال الامام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين( 3/398) :
“ واعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب الحق وإن كان وحده، كما كان إبراهيم – عليه السلام – على الحق وحده وإن خالفه أهل الأرض، وقد شذ الناس كلهم زمن أحمد بن حنبل إلا نفرا يسيرا فكانوا هم الجماعة وكانت القضاة حينئذ والمفتون والخليفة وأتباعه كلهم هم الشاذون وكان الإمام أحمد وحده هو الجماعة .
ولما لم يتحمل هذا عقول الناس قالوا للخليفة يا أمير المؤمنين أتكون أنت وقضاتك وولاتك والفقهاء والمفتون كلهم على الباطل وأحمد وحده هو على الحق فلم يتسع علمه لذلك فأخذه بالسياط والعقوبة بعد الحبس الطويل . فلا إله إلا الله ، ما أشبه الليلة بالبارحة وهي السبيل المَهْيَعُ – المَهْيَعُ من الطُّرق أي البَيِّنُ – لأهل السنة والجماعة ” اه
Visits: 478