عن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام لَيْلَةً فَقَالَ “ أَلَا تُصَلِّيَانِ “ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا ، فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ : ” وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا “
قَالَ الامام الطَّبَرِيُّ رحمه الله : ” لَوْلَا مَا عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِظَمِ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي اللَّيْلِ مَا كَانَ يُزْعِجُ ابْنَتَهُ ، وَابْنَ عَمِّهِ فِي وَقْتٍ جَعَلَهُ اللَّهُ لِخَلْقِهِ سَكَنًا ، لَكِنَّهُ اخْتَارَ لَهُمَا إِحْرَازَ تِلْكَ الْفَضِيلَةِ عَلَى الدَّعَةِ وَالسُّكُونِ ، امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ” وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ “ الْآيَةَ . ” اه
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ : قَوْلُهُ : ( أَلَا تُصَلِّيَانِ ) فِيهِ فَضِيلَةُ صَلَاةِ اللَّيْلِ ، وَإِيقَاظُ النَّائِمِينَ مِنَ الْأَهْلِ وَالْقَرَابَةِ لِذَلِكَ
قال الحافظ ابن حجر في الفتح قَوْلُهُ : ( يَضْرِبُ فَخِذَهُ ) فِيهِ جَوَازُ ضَرْبِ الْفَخِذِ عِنْدَ التَّأَسُّفِ ، وَفِيهِ جَوَازُ الِانْتِزَاعِ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَتَرْجِيحُ قَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ : ( وَكَانَ الْإِنْسَانُ ) لِلْعُمُومِ لَا لِخُصُوصِ الْكُفَّارِ .
وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ لِـ عَلِيٍّ حَيْثُ لَمْ يَكْتُمْ مَا فِيهِ عَلَيْهِ أَدْنَى غَضَاضَةً ، فَقَدَّمَ مَصْلَحَةَ نَشْرِ الْعِلْمِ وَتَبْلِيغِهِ عَلَى كَتْمِهِ ” اه
قَالَ العلامة النَّوَوِيُّ: “ ضَرَبَ فَخِذَهُ تَعَجُّبًا مِنْ سُرْعَةِ جَوَابِهِ ، وَعَدَمِ مُوَافَقَتِهِ لَهُ عَلَى الِاعْتِذَارِ بِمَا اعْتَذَرَ بِهِ “اه
وَقَالَ شيخ الاسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ :” فَوَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ وَهُوَ يَقُولُ { وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا } } هَذَا الْحَدِيثُ نَصٌّ فِي ذَمِّ مَنْ عَارَضَ الْأَمْرَ بِالْقَدَرِ ،
فَإِنَّ قَوْلَهُ : { إنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ } إلَى آخِرِهِ . اسْتِنَادٌ إلَى الْقَدَرِ فِي تَرْكِ امْتِثَالِ الْأَمْرِ ، وَهِيَ فِي نَفْسِهَا كَلِمَةُ حَقٍّ ، لَكِنْ لَا تَصْلُحُ لِمُعَارَضَةِ الْأَمْرِ بَلْ مُعَارَضَةُ الْأَمْرِ فِيهَا مِنْ بَابِ الْجَدَلِ الْمَذْمُومِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ : { وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا } وَهَؤُلَاءِ أَحَدُ أَقْسَامِ ” الْقَدَرِيَّةِ ” وَقَدْ وَصَفَهُمْ اللَّهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِالْمُجَادَلَةِ الْبَاطِلَةِ ” اه
أقول : هذا التأسف كله في التفريط في قيام الليل المندوب فكيف بصلاة الفجر المشهودة – أحب الصلوات المفروضة إلى رب العِزَّة سُبحانه – التي نافلتها خيرٌ من الدنيا وما فيها !!
نسأل الله جل وعلا أن يعيننا على إدراك ما فرطنا فيه والإزدياد من كل خير نجنيه واغتنام أوقاتنا في مراضيه .
Visits: 120