قال العلامة محمد بن علي فركوس حفظه الله ورعاه : “يجوز للمخطوبة أن تُبْدِيَ للخاطب ـ وهي في لباسها الشرعيِّ الكامل ـ حدودَ أقلِّ ما قيل في جواز النظر وهو: الوجه والكفَّان، وهذا القَدْر مُجْمَعٌ عليه بين أهلِ العلم لأنه أجنبيٌّ عنها، وليس له أن يُطالِبَها بأَزْيَدَ مِن ذلك لأنها ليست مُكَلَّفَةً بالتكشُّف له،
وإنما تعلَّق خطابُ الشرعِ في النظر بالخاطب لا بالمخطوبة؛ لذلك يَسَعُه أن ينظر إلى كلِّ ما يَدْعوه إلى نكاحها سواءٌ بالاختباء لها بقصدِ النظر كما فَعَلَ جابرُ بنُ عبدِ الله رضي الله عنهما حيث روى عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: «إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ المَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ»،
قال: «فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا، حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا»،
أو بالاستفسار عن مَحاسِنها الزائدةِ عن الوجه والكفَّين بواسطة مَحارِمه.
وانطلاقًا مِن النصوص الشرعية الآمرة بالنظر على وجهِ الاستحباب فلا يُشْتَرط استئذانُ المخطوبة أو استئذانُ وليِّها للنظر إليها، ولا يُشْترط عِلْمُها بالنظر إليها؛ لأنَّ النصوص جاءَتْ مُطْلَقةً بالإذن فيه مِن غيرِ تقييدٍ، مثل قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «انْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا»، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الأَنْصَارِ شَيْئًا».
وعليه، فإنَّ له أن ينظرَ إليها لغَرَضِ الزواج بمقدار الحاجة، إلى غاية الاقتناع بأهلِيَّتها وصلاحيتها لأَنْ تكون زوجةً له ولو أدَّى الأمرُ إلى تَكرُّر النظر، تفاديًا لحصولِ الندمِ بعد الزواج،
وإذا زالَتِ الحاجةُ والعذرُ عاد الحَظْرُ، عملًا بالنصوص الشرعية المانعةِ مِن النظر إلى الأجنبية حتَّى يَعْقِدَ عليها،
وللمخطوبةِ بالمُقابِل أن تنظر مِن خاطِبِها إلى ما يُعْجِبُها منه، وحدودُ النظر إليه ليست قاصرةً على الوجه والكفَّين؛ لأنَّ عورةَ الرجل ما بين السُّرَّة والركبة. ” انتهى
Visits: 55