
قَبولُ المَحلِّ لما يُوضع فيه مشروطٌ بتفريغه من ضدِّه، وهذا كما أنَّه في الذَّواتِ والأعيان؛ فكذلك هو في الاعتقادات والإرادات: فإذا كان القلبُ ممتلئًا بالباطل اعتقادًا ومحبةً؛ لم يبْقَ فيه لاعتقاد الحقِّ ومحبتِهِ موضعٌ؛ كما أنَّ اللسان إذا اشتغلِ بالتكلُّم بما لا ينفعُ؛ لم يَتمكَّنْ صاحبُهُ من النُّطق بما ينفعُهُ؛ إلا إذا فرَّغ لسانه من النُّطق بالباطل، وكذلك الجوارحُ إذا اشتغلت بغير الطاعة؛ لم يُمكن شغلها بالطَّاعة إلَّا إذا فرَّغها من ضدِّها. فكذلك القلبُ المشغولُ بمحبَّة غير الله وإرادته والشوق إليه والأُنْس به لا يُمكن شغلُهُ بمحبة الله وإرادتِهِ وحبِّه والشوق إلى لقائه؛ إلا بتفريغِهِ من تعلُّقه بغيره، ولا حركة ...

قال الامام ابن القيم رحمه الله في كتابه "الفوائد " : " التَّوَكُّل على الله نَوْعَانِ : أَحدهمَا : توكل عَلَيْهِ فِي جلب حوائج العَبْد وحظوظه الدُّنْيَوِيَّة أَو دفع مكروهاته ومصائبه الدُّنْيَوِيَّة وَالثَّانِي : التَّوَكُّل عَلَيْهِ فِي حُصُول مَا يُحِبهُ هُوَ ويرضاه من الْإِيمَان وَالْيَقِين وَالْجهَاد والدعوة إِلَيْهِ. وَبَين النَّوْعَيْنِ من الْفضل مَا لَا يُحْصِيه إِلَّا الله فَمَتَى توكل عَلَيْهِ العَبْد فِي النَّوْع الثَّانِي حق توكله كَفاهُ النَّوْع الأول تَمام الْكِفَايَة . وَمَتى توكل عَلَيْهِ فِي النَّوْع الأول دون الثَّانِي كَفاهُ أَيْضا لَكِن لَا يكون لَهُ عَاقِبَة المتَوَكل عَلَيْهِ فِيمَا يُحِبهُ ويرضاه ، فأعظم التَّوَكُّل ...

السؤال: السؤال الأول من الفتوى رقم(16559) قمت ببناء قبر من الإسمنت والحديد فما الحكم في ذلك؟ علمًا أن الحديد خليط مع الإسمنت للغطاء فقط أما باقي القبر فهو من الإسمنت فقط؟ الجواب: المشروع في القبر أن يحفر في الأرض ويعمق بقدر ما يحفظ الميت ويمنع الرائحة ويلحد في أسفله لحد أو شق يوضع فيه الميت ويسد عليه باللبن ونحوه؛ ليمنع وصول التراب إلى الميت، ثم يدفن بترابه، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يدفن أصحابه، وكما كان عليه عمل المسلمين، وإن كانت الأرض لا تتماسك إذا حفر فيها فلا بأس ببناء جوانب القبر بالبناء المعتاد الذي ليس فيه ...

استحب فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة الدعاء للمسلمين في خطبة الجمعة، واستدلوا على ذلك بما رُوِي عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ وَلِلْمُسْلِمِينَ وَلِلْمُسْلِمَا تِ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ. وهو حديث ضعيف لا يصح ورحم الله العلاّمة ابن عثيمين رحمه الله،إذ قال في " الشرح الممتع على زاد المستقنع " : قد يقول قائل: كون هذه الساعة مما ترجى فيها الإجابة (فيسن الدعاء إذًا )، كون الدعاء للمسلمين فيه مصلحة عظيمة موجود في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وما وجد سببه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يفعله فتركه هو السنة؛ إذ لو كان شرعاً لفعله ...

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " ولما كان علم النفوس بحاجتهم وفقرهم إلى الرب قبل علمهم بحاجتهم وفقرهم إلى الإله المعبود وقصدهم لدفع حاجاتهم العاجلة قبل الآجلة كان إقرارهم بالله من جهة ربوبيته أسبق من إقرارهم به من جهة ألوهيته وكان الدعاء له والاستعانة به والتوكل عليه فيهم أكثر من العبادة له والإنابة إليه ولهذا إنما بعث الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له الذي هو المقصود المستلزم للإقرار بالربوبية وقد أخبر عنهم أنهم لئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله وأنهم إذا مسهم الضر ضل من يدعون إلا إياه وقال وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فأخبر ...

سُئِل العلامة الفقيه ابن عثيمين رحمه الله : كيف يقضي الله كوناً ما لا يُحِب؟ فأجاب بقوله: المحبوب قسمان : الأول: محبوب لذاته . الثاني : محبوب لغيره . فالمحبوب لغيره قد يكون مكروهاً لذاته، ولكن يحب لما فيه من الحكمة والمصلحة ، فيكون حينئذ محبوباً من وجه ، مكروهاً من وجه آخر ، مثال ذلك قوله -تعالى - : {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً} . فالفساد في الأرض في حد ذاته مكروه إلى الله -تعالى - ؛ لأن الله - تعالى - لا يحب الفساد ولا المفسدين، ولكن للحِكَمِ التي يتضمنها يكون محبوباً إلى الله ـ عز وجل ...

سئل العلامة ابن عثيمين : عن حكم الرضا بالقدر؟ فأجاب قائلاً: " أما الرضا بالقدر فهو واجب لأنه من تمام الرضا بربوبية الله فيجب على كل مؤمن أن يرضى بقضاء الله ، ولكن المقضي هو الذي فيه التفصيل فالمقضي غير القضاء ، لأن القضاء فعل الله ، والمقضي مفعول الله. فالقضاء الذي هو فعل الله يجب أن نرضى به ، ولا يجوز أبداً أن نسخطه بأي حال من الأحوال. وأما المقضي فعلى أقسام : القسم الأول: ما يجب الرضا به. القسم الثاني: ما يحرم الرضا به. القسم الثالث: ما يستحب الرضا به. فمثلاً المعاصي من مقضيات الله ويحرم الرضا بالمعاصي ، وإن كانت واقعة بقضاء الله ...
Visits: 2014