الفرقُ بين زَلَّة العَالِم وفِتْنَتِهِ

Home / الرئيسية / الفرقُ بين زَلَّة العَالِم وفِتْنَتِهِ
الفرقُ بين زَلَّة العَالِم وفِتْنَتِهِ
بسم الله الرحمن الرحيم
من المسائل المنهجية التي ينبغي ضبطها وفهمها جَيِّدا هي مسألة :” الفرقُ بين زَلَّة العَالِم وفِتْنَتِهِ ” . 
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ” إذَا رَأَيْت الْمَقَالَةَ الْمُخْطِئَةَ قَدْ صَدَرَتْ مِنْ إمَامٍ قَدِيمٍ فَاغْتُفِرَتْ ؛ لِعَدَمِ بُلُوغِ الْحُجَّةِ لَهُ؛ فَلَايُغْتَفَرُ لِمَنْ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ مَا اُغْتُفِرَ لِلْأَوَّلِ؛ فَلِهَذَا يُبَدَّعُ مَنْ بَلَغَتْهُ أَحَادِيثُ عَذَابِ الْقَبْرِ وَنَحْوِهَا إذَا أَنْكَرَ ذَلِكَ وَلَا تُبَدَّعُ عَائِشَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّنْلَمْ يَعْرِفْ بِأَنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ فِي قُبُورِهِمْ؛ فَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فَتَدَبَّرْهُ فَإِنَّهُ نَافِعٌ ” مجموع الفتاوى 6/61
ويقول الحافظ ابن رجب رحمه الله  “: وها هنا أمرٌ خفيٌّ ينبغي التَّفطُّن له، وهو أنَّ كثيراً من أئمَّةِ الدِّينِ قد يقولُ قولاً مرجوحاً ويكون مجتهداً فيه ، مأجوراً على اجتهاده فيه ،موضوعاً عنه خطؤه فيهِ، ولا يكونُ المنتصِرُ لمقالته تلك بمنْزلته في هذه الدَّرجة؛ لأنَّه قد لا ينتصِرُ لهذا القولِ إلاَّ لكونِ متبوعه قد قاله ،بحيث أنَّه لو قاله غيرُه من أئمَّة الدِّينِ ، لما قبِلَهُ ولا انتصر له ،ولا والى من وافقه ، ولا عادى من خالفه ، وهو مع هذا يظن أنَّه إنَّما انتصر للحقِّ بمنْزلة متبوعه ، وليس كذلك, فإنَّ متبوعه إنَّما كان قصدُه الانتصارَ للحقِّ ، وإنْ أخطأ في اجتهاده ، وأمَّا هذا التَّابعُ ، فقد شابَ انتصارَه لما يظنُّه الحقَّ إرادة علوِّ متبوعه ، وظهور كلمته ، وأنْ لا يُنسَبَ إلى الخطأ، وهذه دسيسةٌ تَقْدَحُ في قصد الانتصار للحقِّفافهم هذا، فإنَّه فَهْمٌ عظيم والله يهدي مَنْ يشاء إلى صراطٍ مستقيم” جامع العلوم والحكم1/267-268
فكثيراً ما يستدل أهل الباطل المخالفين لمنهج السلف الصالح في ردودهم على أهل السنة بكون فلان من العلماء قال بنفس ما يقولهمتبوعهم وكبيرهم ويطالبون بالتسوية في الحكم عليه بذل كالعالم ؟!!

وهذه شبهة شيطانية المقصود منها التسوية بين الواقع في الخطأ دون قصد وبين المخطئ المُصرّ المعاند ؟!

وأهل الحديث يفرقون بين وقوع العالم في الزلة وبين وقوعه في الفتنة : فالفرق بين زلة العالم وفتنته: أن زلته خطؤه بلا تعمد، وأما فتنته فمخالفته للحق وانحرافه عن تعمد، وإصراره على هذا الانحراف قال تعالى: ” فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ “ 
 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (29/43-45  ” سبب الفرق بين أهل العلم وأهل الأهواء مع وجود الاختلاف في قول كل منهما : أن العالم قد فعل ما أمر به من حسن القصد والاجتهاد وهو مأمور في الظاهر باعتقاد ما قام عنده دليله وإن لم يكن مطابقاً لكن اعتقاداً ليس بيقيني …فالمجتهد الاجتهاد العلمي المحض ليس له غرض سوى الحق وقد سلك طريقه
وأما متبع الهوى المحض فهو من يعلم الحق ويعاند عنه .وثم قسم آخر وهو غالب الناس وهو أن يكون له هوى فيه شبهة فتجتمع الشهوة والشبهة.فالمجتهد المحض مغفور له ومأجور وصاحب الهوى المحض مستوجب للعذاب ” اه 

Visits: 310