عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال :” ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ” رواه البخاري ومسلم
وقال تعالى : ” كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ……. “
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : ” نقل ابن المنذر عن أبي ثور أن المراد بوجوب الوصية في الآية والحديث يختص بمن عليه حق شرعي يخشى أن يضيع على صاحبه إن لم يوص به كوديعة ودين لله أو لآدمي ،
قال : ويدل على ذلك تقييده بقوله : ” له شيء يريد أن يوصي فيه ” لأن فيه إشارة إلى قدرته على تنجيزه ولو كان مؤجلا . فإنه إذا أراد ذلك ساغ له ، وإن أراد أن يوصي به ساغ له ، وحاصله يرجع إلى قول الجمهور إن الوصية غير واجبة لعينها ، وإن الواجب لعينه الخروج من الحقوق الواجبة للغير سواء كانت بتنجيز أو وصية ، ومحل وجوب الوصية إنما هـو فيما إذا كان عاجزا عن تنجيز ما عليه وكان لم يعلم بذلك غيره ممن يثبت الحق بشهادته ، فأما إذا كان قادرا أو علم بها غيره فلا وجوب .
وعرف من مجموع ما ذكرنا أن الوصية قد تكون واجبة وقد تكون مندوبة فيمن رجا منها كثرة الأجر ، ومكروهة في عكسه ، ومباحة فيمن استوى الأمران فيه ، ومحرمة فيما إذا كان فيها إضرار كما ثبت عنابن عباس ” الإضرار في الوصية من الكبائر ” رواه سعيد بن منصور موقوفا بإسناد صحيح “
هذا وقد ذهب الأئمة الأربعة أصحاب إلى أن الوصية ليست واجبة ولا مفروضة على الموصي بعد آية المواريث التي نسخت وجوبها للوالدين والأقربين، وإنما يمكن أن تعتريها الأحكام التكليفية الخمسة حسبما يتعلق بها من قرائن وأفعال، وتتعلق بالموصي نفسه .
وجاء في فتاوى ” نور على الدرب ” للامام ابن باز ( الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 406) :
” يشرع للمؤمن أن يوصي بما يلزمه من ديون أو حقوق حتى تسلم إلى أهلها، ولا سيما إذا كانت ليس عليها وثائق، وقد تضيع على أهلها، فإن الواجب عليه أن يوصي بذلك حتى يؤدي الحقوق.
أما إن كان عليها وثائق عند أهلها فالأمر في هذا واسع، وإذا كان عنده مال يريد أن يوصي فيه يوصي بالثلث أو بالربع أو الخمس في وجوه البر وأعمال الخير، فينبغي له أن يكتب ذلك قبل أن تدركه المنية، فإن الأجل لا يدرى متى ينزل، وعلمه عند الله سبحانه وتعالى، فالمشروع البدار، للحديث الذي ذكره السائل، وهو قوله: “ ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده “ ” . اه
Visits: 460