يقول الامام ابن القيم رحمه الله :
“وَهَذِه الْمُتَابَعَة هِيَ التِّلَاوَة الَّتِي اثنى الله على اهلها فِي قَوْله: ” إن الَّذين يَتلون كتاب الله” . وَفِي قَوْله ” إِن الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يتلونه حق تِلَاوَته اولئك يُؤمنُونَ بِهِ “.
وَالْمعْنَى يتبعُون كتاب الله حق اتِّبَاعه
وَقَالَ تَعَالَى : ” اتل مَا اوحى اليك من الْكتاب واقم الصَّلَاة ” . وقال : “إِنَّمَا امرت ان اعبد رب هَذِه الْبَلدة الَّذِي حرمهَا وَله كل شَيْء وَأمرت ان اكون من الْمُسلمين وان اتْلُوا الْقُرْآن “
فحقيقة التِّلَاوَة فِي هَذِه الْمَوَاضِع هِيَ التِّلَاوَة الْمُطلقَة التَّامَّة وَهِي تِلَاوَة اللَّفْظ وَالْمعْنَى .
فتلاوة اللَّفْظ جُزْء مُسَمّى التِّلَاوَة الْمُطلقَة وَحَقِيقَة اللَّفْظ إِنَّمَا هِيَ الِاتِّبَاع
يُقَال اتل اثر فلَان وتلوت اثره وقفوته وقصصته بِمَعْنى تبِعت خَلفه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى : “وَالشَّمْس وَضُحَاهَا وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا ” أَي تبعها فِي الطُّلُوع بعد غيبتها
وَيُقَال جَاءَ الْقَوْم يَتْلُو بَعضهم بَعْضًا أَي يتبع
وسمى تالي الْكَلَام تاليا لانه يتبع بعض الْحُرُوف بَعْضًا لَا يُخرجهَا جملَة وَاحِدَة بل يتبع بَعْضهَا بَعْضًا مرتبَة كلما انْقَضى حرف اَوْ كلمة اتبعهُ بِحرف آخر وَكلمَة اخرى
وَهَذِه التِّلَاوَة وَسِيلَة وَطَرِيقَة وَالْمَقْصُود التِّلَاوَة الْحَقِيقِيَّة وَهِي تِلَاوَة الْمَعْنى واتباعه تَصْدِيقًا بِخَبَرِهِ وائتمارا بأَمْره وانتهاء بنهيه وائماما بِهِ حَيْثُ مَا قادك انقدت مَعَه .
فتلاوة الْقُرْآن تتَنَاوَل تِلَاوَة لَفظه وَمَعْنَاهُ
وتلاوة الْمَعْنى اشرف من مُجَرّد تِلَاوَة اللَّفْظ وَأَهْلهَا هم اهل الْقُرْآن الَّذين لَهُم الثَّنَاء فِي الدُّنْيَا والاخرة فَإِنَّهُم اهل تِلَاوَة ومتابعة حَقًا ” اه مفتاح دار السعاده
Hits: 43