بيان معنى قول الامام الشافعي رحمه الله : ” وأكره أن يُبنى على القبر مسجد ” !
إن قول الامام الشافعي رحمه الله : ” وأكره أن يبنى على القبر مسجد ” : لا يدل على جواز اتخاذ القبور مساجد ولا على جواز الصلاة في المقبرة أو مجرد الكراهة التنزيهة التي اصطلح عليها الفقهاء المتأخرين .
لأن السلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه في كلام الله ورسوله ، ولكن المتأخرين اصطلحوا على تخصيص الكراهة بما ليس بمحرم وتركه أرجح من فعله
ثم حمل من حمل منهم كلام الأئمة على الاصطلاح الحادث فغلط في ذلك .
وأقبح غلطاً منه من حمل لفظ الكراهة أو لفظ لا ينبغي في كلام الله ورسوله صلى الله عليه و سلم على المعنى الاصطلاحي الحادث !
فالمراد بالكراهة التحريمة لا التنزيهية لا سيما وقد صرح بالكراهة بعد أن ذكر حديث « قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » .
وهذا هو المعنى الشرعي المقصود في الاستعمال القرآني ولا شك أن الشافعي متأثر بأسلوب القرآن غاية التأثر ، فإذا وقفنا في كلامه على لفظ له معنى خاص في القرآن الكريم وجب حمله عليه لا على المعنى المصطلح عليه عند المتأخرين ، فقد قال تعالى ﴿ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ وهذه كلها محرمات
ثم إن ابن حجر الهيتمي الشافعي قال في « الزواجر عن اقتراف الكبائر » ( 1 / 120 ) : ” الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتسعون : اتخاذ القبور مساجد ، وإيقاد السرج عليها ، واتخاذها أوثاناً ، والطواف بها ، واستلامها ، والصلاة إليها ” .
فلا حجة لمن تعلق بكلام الشافعي على جواز الصلاة في المقابر أو مجرد الكراهة التنزيهية لها .
وهل بعد كلام النبي عليه الصلاة والسلام كلام وقد نقلت عنه الصديقة عائشة رضي الله عنها -أنه قال في مرضه الذي لم يقم منه 🙁لعن الله اليهود والنصارى ; اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) . متفق عليه .
ثم أعقبت ذلك بقولها في رواية : ” يحذر ما صنعوا ! ” .
فلنحذر مما حذَّر منه رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى لا يصيبنا ما أصاب الأمم من قبلنا .
إن في ذلك لذكرى والذكرى تنفع المؤمنين والله أعلم والحمد لله رب العالمين .
Visits: 948