تفصيل حكم زراعة الشعر لمن أُصيب بالصَلَعِ
قال العلامة محمد فركوس : ” ينبغي في هذه المسألة التفريق بين زرعِ الشعرِ ولصقِ الشعر، وضابطُ الفرق يكمنُ في نباتِ الشعر وطولِه.
فإنْ ردَّ ما سقطَ من شَعرِه بطريقةٍ طِبِّيةٍ على وجهٍ يُزيل العيبَ، ويستَنبِتُ الشعرَ ويُعيدُه إلى أصلهِ بحيثُ يَنبتُ الشعرُ بعد العمليةِ الجراحيةِ ويطولُ بنفسهِ فهذا من زرعِ الشعرِ، وهو بهذا الاعتبارِ لا علاقةَ له بوَصْلِ الشعرِ وإنما يَدخلُ في بابِ العلاجِ، والأصلُ فيه الإباحةُ والجوازُ، ويُقَوِّي هذا الحكمَ ما جاءَ في الصحيحينِ في قصَّة الثلاثة من بني إسرائيل، وفيها أنَّ النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «إِنَّ ثَلاَثةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى أَرَادَ اللهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيهِمْ مَلَكًا… فَأَتَى الأَقْرَعَ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الذِي قَذِرَنِي النَاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ وَأُعْطِيَ شَعْرًا حَسَنًا»، والحديثُ يدلُّ على أنَّ إزالةَ العيبِ باسْتِنْبَاتِ الشعرِ الحسنِ جائزٌ، ولو كان ممنوعًا مَا فعلَه المَلَك، ولو كان جائزًا في شريعتهم غير جائزٍ في شريعتِنا لبيَّنه النبُّي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ولَمَا أقرَّه، وهو في مَعرِض البيان و«تَأْخِيرُ البَيَانِ عَنْ وَقْتِ الحاجَةِ لاَ يَجُوزُ».
” أمَّا إذا استردَّ شعرَ رأسِه بعمليةِ الغَرزِ على وجهٍ لا يحصلُ معه نباتُ الشعر ولا زيادةٌ بالطولِ، فهذا يُعدُّ لصقًا للشعرِ لاَ زرعًا له.
وعليهِ فإنَّ لَصقَ الشعرِ محرَّمٌ لدخولهِ في باب التجميلِ بالزورِ والوصلِ المنهي عنه شرعًا، لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ»؛ ذلك لأنّ المعنى الذي حُرِّم من أجلِه وصلُ الشعرِ هو: التدليسُ والغشِّ ويشهدُ لذلكَ ما جاء في الصحيحين عن سعيدِ بنِ المسيِّبِ قال: «قَدِمَ مُعَاوِيَةُ المدينةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، فَخَطَبَنَا فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنَ الشَّعْرِ قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ اليَهُودِ، إنَّ النَّبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسلَّمَ سَمَّاهُ الزُّورَ، يَعْنِي: الوَاصِلَةَ فِي الشَّعْرِ».
وفضلاً عن ذلكَ فإنَّ لصقَ الشَّعرِ يحولُ دونَ وُصولِ الماءِ إلى الرأسِ في الغُسلِ. “اه
Visits: 20