بسم الله الرحمن الرحيم
أولا
يجب أن يُبَيَّن للاناث أن لهن حق في الميراث كالذكور ، أعطاهُنَّ إيَّاه ربنا جلَّ وعَزَّ وأوصى سبحانه بذلك فقال : ” يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين ” والولد : يشمل الذكر والانثى .
وليُعلم أنَّ المواريث تسمّى فرائِضًا ، وقد أمرنا عليه الصلاة والسلام أن نلحقها بأهلها فقال : ” ألحقوا الفرائض بأهلها… “.
وسمِّيت بذلك لأن نصيب كل وارث قد بيَّنَهُ الله تعالى على سبيل الفرض و الالزام قال الله تعالى “ للرجال نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون و للنساء نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا ” النساء 7
ويجب على من عنده علم بهذه المسائل أن يبيِّن لاخوته ذلك لأنهم قد يكونوا لا يعلمون ، فإن أَبَوْا هُمْ إعطاءِ اخواتِهِن أو غيرهن من الاناث ، ولا سلطان لك عليهم ، فلا تضم أنت شيئا من نَصيبِهِنَّ الى حِصتك فتشترك مع اخوتك في الظلم .
وادفع اليهن نصيبهن مما أعطيته زيادةً على نصيبك ، ولو كان شِبرًا واحدًا لقوله صلى الله عليه وسلم : ” مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ ” رواه البخاري ومسلم
ثانيا :
لا يحل لأحد أخذ حق امرىءٍ على وجه الحياء ولا يملكه بهذا الأخذ، وعليه رده إلى صاحبه إلا أن تطيب نفسه به .
لما جاء في الحديث: ” لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه منه “. رواه أحمد.
وقد حكى الهيتمي في الفتاوى الكبرى : ” الإجماع : على أن من أخذ شيئا من غيره على سبيل الحياء فإنه لا يملكه بذلك “.
قال رحمه الله: ” ألا ترى إلى حكاية الإجماع على أن من أخذ منه شيء على سبيل الحياء من غير رضا منه بذلك أنه لا يملكه الآخذ، وعللوه بأن فيه إكراها بسيف الحياء فهو كالإكراه بالسيف الحسي , بل كثيرون يقابلون هذا السيف أي الحسي ويتحملون مرار جرحه ولا يقابلون الاول خوفا على مروءتهم ووجاهتهم التي يؤثرها العقلاء ويخافون عليها أتم الخوف. انتهى
ثالثا :
معظم النزاعات القائمة على ميراث الارض اليوم والعداوة بين الاخوة والتي عَمَّت في مجتمعنا ، من أهم أسبابها – والله أعلم – منع الاناث حقهن من الميراث .
وجعلهن يتنازلن عن نصيبهم حياءا لاجل العادة السائدة بين الناس هو في حقيقته منع وحرمان وظلم .
فان ترك العمل بما أنزل الله تعالى وأوصى به وائتمننا عليه يؤول الى الشحناء والبغضاء جزاءا وفاقا ، قال تعالى : “فنسوا حظا مِمَّا ذُكِّرُوا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء “
“نَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ” أي: تركوا العمل بما أمروا به رغبة عنه ، فصاروا إلى حالة رديئة سقيمة : فلا قلوب سليمة، ولا فطر مستقيمة، ولا أعمال قويمة .
” فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء ” أي: سلطنا بعضهم على بعض، ودَبَّ بينهم من الشرِّ والنزاع ما أفضى إلى بغض بعضهم بعضا ومعاداة بعضهم بعضا ، وهذه عاقبة ترك العمل بالكتاب المنزل والسنة المطهرة . ومن عواقب الاجتماع على الباطل تشتت القلوب لفقدان الصدق والاخلاص ، قال تعالى : ” تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى “
رابعا :
بعد أن يُدفع للاناث نصيبهن من الميراث يستطعن أنْ يَهَبْنَ منه ما شِئن لمن شِئن من أخ أو ولد أو زوج .
وكذلك إذا رَفَضَ الاخوات أخذ نصيبهن من الميراث أو تنازلن عنه لأحد الاخوة أو لجميعهم عن رضى تام بعد علمهن بحقهن فيه وعزم الاخوة على دفعه لهن ، فلا حرج في ذلك ، وهو حق لمن تنازلن له ، وإلا فلا يجوز أخذ شيء منهن على وجه الحياء .
والله أعلم ، والحمد لله رب العالمين .
Visits: 89