تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ

Home / الحديث / تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ
تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ
بسم الله الرحمن الرحيم
عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَلَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ ” فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا وَخَرَجَتْ امْرَأَتِي حَاجَّةً
قَالَ عليه الصلاة والسلام : ”  اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ ” .
قال الامام الشافعي رحمه الله : ” ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ” .
والنبي عليه الصلاة والسلام لم يستقصل منه هل معها عصبة نساء ثقات أو رفقة آمنة ….. كما استفصل مثلا من حاطب بن ابي بلتعة في قصته المشهورة : “مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْت؟ “.
 
وتأمل – رحمك الله – هذه الفائدة المستنبطة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: فان من اكتتب لغزوة من الغزوات أصبح الجهاد في حقه واجبا والنبي عليه الصلاة والسلام أعلم الخلق لا ينقله من واجب الى مستحب ولكن ينقله من واجب الى ما هو أوجب منه ،  فلا يأذن له بالسفر مع زوجته التي خرجت حاجَّة (والنساء في ذلك الوقت الثقات منهن كثير بخلاف اليوم ) الا أن يكون السفر معها أوجب من الجهاد معه . والله أعلم .
وأيضا وجدت كلاما أصوليًّا جيّدا للحافظ ابن رجب في كتابه فتح الباري حيث بيّن رحمه الله  أنه لا يُعارَضُ النص الصريح الصحيح بنص محتمل كما أنه لا يجوز الذهاب الى النسخ الكلي أو الجزئي ( التخصيص) من نص غير صريح  الدلالة .
قال رحمه الله :  “وهذه قاعدة مطردة ، وهي: أنا إذا وجدنا حديثاً صحيحاً صريحاً فِي حكم من الأحكام، فإنه لا يرد باستنباط من نَصَّ آخر لَمْ يسق لذلك المعنى بالكلية.
 فلا ترد أحاديث تحريم صيد المدينة بما يستنبط من حَدِيْث النغير، ولا أحاديث توقيت صلاة العصر الصريحة بحديث: ( ( مثلكم فيما خلا قبلكم من الأمم كمثل رَجُل استأجر أجراء) ) – الحَدِيْث …. ” اه
سئل العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله : يقولون إن عائشة رضي الله عنها حجت مع عثمان بدون محرم ؟
فأجاب :”هذا يحتاج إلى دليل ، لا يجوز أن يقال : حجت بدون محرم بغير دليل ، لا بد أن يكون معها محرم ، فعندها أبناء أخيها ، عندها عبد الرحمن أخوها ، عندها أبناء أختها أسماء ، الذي يقول إنها حجت بدون محرم يكون قوله كذباً إلا بدليل ، ثم لو فرضنا أنها حجت بدون محرم فهي غير معصومة ، كل واحد من الصحابة غير معصوم ، الحجة في قال الله وقال رسوله ، ما هو بحجة قول فلان أو فلان ، ما خالف السنة فلا حجة فيه ، الحجة في السنة المطهرة الصحيحة ” اه .
 ثم إنه يبعد جدا ألا يكون معهن أحد من محارمهن ، مع كثرة المسافرين للحج معهن من المدينة ، فالغالب أنه لن يخلو الأمر من أخ أو جد أو خال أو عم أو أحد المحارم من الرضاعة ، وقد كانت الرضاعة كثيرة في ذلك الوقت . 

وعلى فرض أنه لم يكن معهن محرم : فهو اجتهاد منهن ، ومعلوم أن اجتهاد الصحابي لا يُقبل إذا خالف نصّاً صحيحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم .

فالصحيح من أقوال أهل العلم هو مذهب الحنفية والحنابلة القائلين بعدم جواز سفر المرأة للحج أو غيره من غير مَحرَم .
والله أعلم والحمد لله رب العالمين .

Hits: 144