بسم الله الرحمن الرحيم
عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها . رواه أبو داود ( 4131 ) . وصححه الألباني
وروى الترمذي والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع أن تفترش . صححه الألباني في صحيح الترمذي (1450) .
وعن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر ). رواه أبو داود ( 4130 ) . وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (3478) .
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي : والأحاديث تدل على أن جلود السباع لا يجوز الانتفاع بها اهـ والحكمة من النهي عن الانتفاع بها : ما فيها من الكبر والخيلاء . ولأن فيها تشبهاً بالجبابرة ، ولأنها زي أهل الترف والإسراف . انظر تحفة الأحوذي ، حاشية السندي على ابن ماجه .
ويضاف إلى ذلك علة أخرى وهي نجاستها إذا إن الدباغ لا يطهر إلا جلد الحيوان الذي يؤكل ، أما ما لا يحل أكله فلا يطهر جلده بالدباغ .وهو مذهب الأوزاعي وعبد الله بن المبارك وإسحق بن راهويه ورواية عن الإمام أحمد . انظر شرح صحيح مسلم للنووي (4/54) . الفروع لابن مفلح (1/102) . وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أحد قوليه . مجموع الفتاوى (21/95) .
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله : “إن جلد الميتة يطهر بالدباغ بشرط أن تكون الميتة مما تُحله الذكاة ، وأما ما لا تحله الذكاة : فإنه لا يطهر ، وهذا القول هو الراجح . وعلى هذا : فجلد الهرة وما دونها في الخِلقة لا يطهر بالدباغ ” .
وفي الحديث : “ دباغ جلود الميتة طهورها ” أي: ميتة ما يأكل لحمه .رواه ابن حبان وصححه الالباني
وإذا حرم استعمال هذه الجلود فلا فرق بين منع لبسها داخل المنزل وخارجه . وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الملائكة لا تصحب رفقة فيها جلد نمر – كما سبق – .
قال في عون المعبود : ” وَالْحَدِيث فِيهِ : يُكْرَه اِتِّخَاذ جُلُود النُّمُور وَاسْتِصْحَابهَا فِي السَّفَر وَإِدْخَالهَا الْبُيُوت لأَنَّ مُفَارَقَة الْمَلائِكَة لِلرُّفْقَةِ الَّتِي فِيهَا جِلْد نَمِر تَدُلّ عَلَى أَنَّهَا لا تُجَامِع جَمَاعَة أَوْ مَنْزِلا وُجِدَ فِيهِ ذَلِكَ وَلا يَكُون إِلا لِعَدَمِ جِوَار اِسْتِعْمَالهَا كَمَا وَرَدَ أَنَّ الْمَلائِكَة لا تَدْخُل بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِير , وَجُعِلَ ذَلِكَ مِنْ أَدِلَّة تَحْرِيم التَّصَاوِير وَجَعْلهَا فِي الْبُيُوت ” .اهـ
وهذا فيما إذا كان اللباس المذكور في السؤال مصنوعاً من الجلود الطبيعية الحقيقية للسباع . أما الجلود الصناعية التي تشابه ألوانها ألوان جلود السباع فالأولى للمسلم التنزه عنها حتى لا يتهم ممن لا يعلم حقيقتها أنها من جلود السباع المحرم لبسها .
وسئل العلامة العبّاد :هل يجوز لبس النعال المصنوعة من جلد الحيوان غير مأكول اللحم؟ فأجاب : ” الحديث الذي ورد في عدم استعمال جلود السباع يدل على أنها لا تستعمل، وإنما تستعمل إذا كانت مصنوعة من جلد الحيوان مأكول اللحم، وما كان يطهره الدباغ، وهو الذي مات بدون تذكية، وأما الحيوان الذي لا يؤكل فالتذكية وجودها مثل عدمها، وذبيحته ميتة، والله تعالى أعلم ” .
والحمد لله رب العالمين
Visits: 399