قال عمر بن ابن الخطاب لأويس بن عامر القرني بعد أن استغفر له : ” أين تريد ؟ قال : الكوفة ،
قال : ألا أكتب لك إلى عاملها ؟! .
قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي “ رواه مسلم
قال النووي: قوله : ( أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ ) أَيْ ضِعَافِهِمْ وَصَعَالِيكِهِمْ وَأَخْلَاطِهِمُ الَّذِينَ لَا يُؤْبَهُ لَهُمْ ، وَهَذَا مِنْ إِيثَارِ الْخُمُولِ وَكَتْمِ حَالِهِ .
قال الحسن البصري -رحمه الله- : ” إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر به الناس ، وإن كان الرجل قد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس ، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الضيوف الزوّر وما يشعرون به، ولقد أدركنا أقوامًا ما كان على ظهر الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه سرًا فيكون علانية أبدًا” [الزهد لابن المبارك: 1 / 45].
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ ، قَالَ : ” لَقَدْ أَدْرَكْتُ رِجَالا كَانَ الرَّجُلُ يَكُونُ رَأْسُهُ مَعَ رَأْسِ امْرَأَتِهِ عَلَى وِسَادَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْ بُلَّ مَا تَحْتَ خَدِّهِ مِنْ دُمُوعِهِ لا تَشْعُرُ بِهِ امْرَأَتُهُ ، وَلَقَدْ أَدْرَكْتُ رِجَالا يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي الصَّفِّ فَتَسِيلُ دُمُوعُهُ عَلَى خَدِّهِ وَلا يَشْعُرُ بِهِ الَّذِي إِلَى جَانِبِهِ “.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْحَذَّاءُ ، سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ يَقُولُ : أَخَذْتُ بِيَدِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْوَادِي ، فَقُلْتُ : ” إِنْ كُنْتَ تَظُنُّ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شَرٌّ مِنِّي وَمِنْكَ ، فَبِئْسَ مَا تَظُنُّ “. اه سير أعلام النبلاء
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْطَاكِيُّ قَالَ : اجْتَمَعَ الْفُضَيْلُ وَالثَّوْرِيُّ، فَتَذَاكَرَا ، فَرَقَّ سُفْيَانُ وَبَكَى ، ثُمَّ قَالَ : أَرْجُو أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَجْلِسُ عَلَيْنَا رَحْمَةً وَبَرَكَةً . فَقَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ : لَكِنِّي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، أَخَافُ أَنْ لَا يَكُونَ أَضَرَّ عَلَيْنَا مِنْهُ . أَلَسْتَ تَخَلَّصْتَ إِلَى أَحْسَنِ حَدِيثِكَ ، وَتَخَلَّصْتُ أَنَا إِلَى أَحْسَنِ حَدِيثِي ، فَتَزَيَّنْتَ لِي وَتَزَيَّنْتُ لَكَ ؟ فَبَكَى سُفْيَانُ وَقَالَ : أَحْيَيْتَنِي أَحْيَاكَ اللَّهُ . سير أعلام النبلاء
وَقَالَ الْفَيْضُ : قَالَ لِي الْفُضَيْلُ : لَوْ قِيلَ لَكَ : يَا مُرَائِي ، غَضِبْتَ ، وَشَقَّ عَلَيْكَ ، وَعَسَى مَا قِيلَ لَكَ حَقٌّ ، تَزَيَّنْتَ لِلدُّنْيَا وَتَصَنَّعْتَ ، وَقَصَّرْتَ ثِيَابَكَ ، وَحَسَّنْتَ سَمْتَكَ ، وَكَفَفْتَ أَذَاكَ حَتَّى يُقَالَ : أَبُو فُلَانٍ عَابِدٌ ، مَا أَحْسَنَ سَمْتَهُ ! فَيُكْرِمُونَكَ ، وَيَنْظُرُونَكَ ، وَيَقْصِدُونَكَ وَيَهْدُونَ إِلَيْكَ ، مِثْلَ الدِّرْهَمِ السُّتُّوقِ لَا يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ فَإِذَا قُشِرَ قُشِرَ عَنْ نُحَاسٍ . سير أعلام النبلاء
Visits: 356