الحمد لله الذي زين الرجال بالرزانة و الحزم و الترفع عن سفاسف الأمور ، وله الحمد أن ميز المسلم بالهيبة و السمت و الوقار على مر الأزمان و الدهور ، وبه الاستعاذة من تفشي الفساد و الشرور ، وبعد ..
جاء في الموسوعة الفقهية :
” ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة والقفال من الشافعية إلى كراهة [ قلت : التحريم ] الرقص معللين ذلك بأن فعله دناءة وسفه، وأنه من مسقطات المروءة، وأنه من اللهو.
الراجح قول الجمهور وهو تحريم الرقص لقوة أدلتهم التي استدلوا بها ، ومنها :
أولاً : ذم هذا الفعل في الكتاب و السنة :
– لقوله تعالى { ولا تمش في الأرض مرحا } قال القرطبي في تفسيره [10/263] : [ استدل العلماء بهذه الآية على ذم الرقص وتعاطيه. قال الإمام أبو الوفاء ابن عقيل: قد نص القرآن على النهي عن الرقص فقال:” ولا تمش في الأرض مرحا” وذم المختال. والرقص أشد المرح والبطر ]
– ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّ مَا يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ بَاطِلٌ إِلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَمُلَاعَبَتَهُ أَهْلَهُ فَإِنَّهُنَّ مِنْ الْحَقِّ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ، قال الخطابي في معالم السنن [2/242] : [ قلت وفي هذا بيان أن جميع أنواع اللهو محظورة وإنما استثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الخلال من جملة ما حرم منها لأن كل واحدة منها إذا تأملتها وجدتها معينة على حق أو ذريعة إليه ]
ثانياً : لأن فيه إخلالاً بالمروءة و مقام الرجولة : قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام (2/220) : [ وأما الرقص والتصفيق فخفة ورعونة مشبهة لرعونة الإناث لا يفعلها إلا راعن أو متصنع كذاب وكيف يتأتى الرقص المتزن بأوزان الغناء ممن طاش لبه وذهب قلبه، وقد قال – عليه السلام -: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» ، ولم يكن أحد من هؤلاء الذين يقتدى بهم يفعل شيئا من ذلك ]
ثالثاً : لأن فيه تشبهاً بالنساء ، بدليل أن أهل المذاهب اتفقوا على رد شهادة متعاطي هذا الفعل – كما مضى – ، قال ابن عثيمين : [ إن كان من الرجال فهو أقبح ، وهو من تشبه الرجال بالنساء ، ولا يخفى ما فيه ] ” فتاوى إسلامية ” ( 3 / 187) .
رابعاً : لأنه ليس من شيم السالفين الصالحين ، ولا من أخلاق أهل المروءة و الدين ، بل هو من اخلاق الكفار و الفاسقين ، و السيئين العاطلين ، قال ابن عابدين في فتاويه [2/323] : [ الحق الذي هو أحق أن يتبع وأحرى أن يدان به ويستمع أن ذلك كله من سيئات البدع حيث لم ينقل فعله عن السلف الصالحين ولم يقل بحله أحد من أئمة الدين المجتهدين – رضي الله عنهم – ]
بل قد قيل أنه من إحداث أصحاب السامري ، قال في عون المعبود [ 13/187] : [ في كتاب المستطرف في مادة عجل نقل القرطبي عن سيدي أبي بكر الطرطوشي رحمهما الله تعالى أنه سئل عن قوم يجتمعون في مكان فيقرؤن من القرآن ثم ينشد لهم الشعر فيرقصون ويطربون ثم يضرب لهم بعد ذلك بالدف والشبابة هل الحضور معهم حلال أم حرام فقال مذهب الصوفية أن هذه بطالة وجهالة وضلالة وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذوا العجل فهذه الحالة هي عبادة العجل ] وانظر تفسير القرطبي [10/366] فكان تعاطي الرقص تشبهاً في عبادة هؤلاء ، حتى يهود اليوم نجد الرقص من عباداتهم فوجب مخالفتهم و تحريم التشبه بهم .
وبهذا تعرف الحق في هذه المسألة ، وترى أن من جوز هذا الفعل للرجل ليس معه دليل قويّ ، بل الأدلة على نقيض قوله ، قالت اللجنة الدائمة تحت السؤال رقم [4230] : [ الرقص للرجال -سواء كان معه ضرب دف أم لا- لا نعلم له دليلا يدل على مشروعيته ]
Visits: 3424