بسم الله الرحمن الرحيم
قال النووي: (قد تظاهرتْ نصوصُ الكتاب والسنة على تحريم الكذب في الجملة، وهو من قبائح الذنوب وفواحش العيوب. وإجماعُ الأمة منعقدٌ على تحريمه مع النصوص المتظاهرة، فلا ضرورة إلى نقل أفرادها، وإنما المهمُّ بيان ما يُستثنى منه، والتنبيه على دقائقه)
يظن بعض الناس أن هناك كذبًا أبيض وهو حلال، وكذبًا أسود وهو حرام، والأمر ليس كذلك، فالكذب كله حرام.
قال العلامة ابن عثيمين: (والكذب حرام وكلما كانت آثاره أسوأ، كان أشد إثمًا، وليس في الكذب شيء حلالًا وأما ما ادعاه بعض العامة، حيث يقولون: إن الكذب نوعان: أسود، وأبيض، فالحرام هو الأسود، والحلال هو الأبيض، فجوابه: أن الكذب كله أسود، ليس فيه شيء أبيض، لكن يتضاعف إثمه بحسب ما يترتب عليه، فإذا كان يترتب عليه أكل مال المسلم أو غرر على مسلم صار أشد إثمًا، وإذا كان لا يترتب عليه أي شيء من الأضرار فإنه أخف ولكنه حرام)
قال بعض الحكماء: من استحلى رضاع الكذب عَسُرَ فِطَامُه.
لكن هنالك بعض الحالات التي يباح فيها الكذب، وهي:
1- في الحرب؛ لأنَّ الحرب خدعة، ومقتضياتها تستدعي التمويه على الأعداء، وإيهامهم بأشياء قد لا تكون موجودة، واستعمال أساليب الحرب النفسية ما أمكن، ولكن بصورة ذكية لبقة.
1- في الحرب؛ لأنَّ الحرب خدعة، ومقتضياتها تستدعي التمويه على الأعداء، وإيهامهم بأشياء قد لا تكون موجودة، واستعمال أساليب الحرب النفسية ما أمكن، ولكن بصورة ذكية لبقة.
2- في الصلح بين المتخاصمين؛ حيث إنَّ ذلك يستدعي أحيانًا أن يحاول المصلح تبرير أعمال كل طرف وأقواله بما يحقق التقارب ويزيل أسباب الشقاق، وأحيانًا ينسب إلى كل من الأقوال الحسنة في حق صاحبه ما لم يقله، وينفي عنه بعض ما قاله؛ وهو ما يعوق الصلح ويزيد شقة الخلاف والخصام.
3- في الحياة الزوجية؛ حيث يحتاج الأمر أحيانًا إلى أن تكذب الزوجة على زوجها، أو يكذب الزوج على زوجته، ويخفي كل منهما عن الآخر ما من شأنه أن يوغر الصدور، أو يولد النفور، أو يثير الفتن والنزاع والشقاق بين الزوجين، كما يجوز أن يزف كل منهما للآخر من معسول القول ما يزيد الحب، ويسر النفس، ويجمل الحياة بينهما، وإن كان ما يقال كذبًا؛ لأن هذا الرباط الخطير يستحق أن يهتم به غاية الاهتمام، وأن يبذل الجهد الكافي ليظل قويًا جميلًا مثمرًا
فعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن النَّبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول:” ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيرًا، وينمي خيرًا ” رواه مسلم
قال ابن شهاب الزهري: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب، إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها
كما لا يجوز الكذب لإضحاك الناس:
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” ويل للذي يحدث بالحديث، ليضحك به القوم فيكذب، ويل له، ويل له “ صحيح رواه الترمذي
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” ويل للذي يحدث بالحديث، ليضحك به القوم فيكذب، ويل له، ويل له “ صحيح رواه الترمذي
قال المناوي في شرحه للحديث: (كرره إيذانًا بشدة هلكته؛ وذلك لأنَّ الكذب وحده رأس كلِّ مذموم، وجماع كلِّ فضيحة، فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب، ويجلب النسيان، ويورث الرعونة كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء: إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة)
الحمد لله رب العالمين .
Visits: 141