قال العلامة محمد بن علي فركوس الجزائري : ” فالبضائعُ والسِّلعُ ومختلَفُ الأموالِ غير المرخَّص فيها التي أخذتها الدولة من أصحابها مصادرةً، سواءٌ كان تبريرُ مصادرتها مصبوغًا بالشرعية من تحقيق المصلحة العامَّة للأُمَّة، والمحافظةِ على استقرارها اقتصاديًّا واجتماعيًّا، أو تجرَّدت مصادرتُها من أيِّ صبغةٍ شرعية؛ فإنَّ الحيطة الدِّينية تقتضي اتِّقاءَ المشاركة في التجارة على ممتلكات الغير، سواءٌ بالمزاد العَلَني أو السِّرِّيِّ، خشيةَ الوقوع في أكلِ أموال الناس بالباطل المحرَّم بنصِّ قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: ١٨٨]،
وقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» .
وتفصيل تعليل ترك التجارة فيها لا يخرج عن ثلاث حالاتٍ:
– الحالة الأولى: أن تكون مصادرة الدولة لأملاك الناس بغير سببٍ شرعيٍّ، فإنَّ شراء البضائع المهرَّبة -والحال هذه- يُعَدُّ مِن شراء المغصوب من الغاصب، سواءٌ كانا شخصين طبيعيين أو شخصين معنويين أو أحدهما طبيعيًّا والآخَر معنويا اعتباريًّا.
– الحالة الثانية: أن تكون مصادرةُ الدولة لأملاكهم عقوبةً استحقاقيةً يشفع لها مذهب المجوِّزين للعقوبة التعزيرية المالية، فإنَّ المواضع المخصوصة للتعزير بالمال ليس فيها ما يجيز للحاكم أن يسلب الناسَ أموالهم بما في يده من سلطة التعزير.
وأقوى الأقوال في التعزير الماليِّ منعُ هذه العقوبة لِما فيها من التعدِّي على حقِّ المسلم الماليِّ ممَّا لا يرضاه الله تعالى إلاَّ في حدودِ ما جاءت به النصوصُ من الجواز،
وهي تكاد أن تكون محصورةً في مواضعَ ثلاثةٍ: الإتلاف والتغيير والتغريم، والمطلوبُ في هذه المسألة مُنْتَفٍ.
هذا، وعلى تقديرِ أنَّ المسألة خلافية فإنَّ ترك الشراء وعموم التجارة فيما فيه شبهةُ الحرام أحوطُ للدِّين وأبرأُ للذِّمَّة، لقوله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم: «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ»
– الحالة الثالثة: إذا كان صاحب المتاع المحجوزِ مصادرةً يأذن لغيره بشراء بضاعته بطيب نفسٍ منه، أو يتنازل له فيها فجائزٌ لقوله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم: «لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»
Visits: 122