روى البخاري ومسلم عن أَنَس بْن مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ قَالَ : ( يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ) ، قَالَ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ، قَالَ : ( يَا مُعَاذُ ) ،قَالَ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ – ثَلَاثًا – قَالَ : ( مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) .
قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة لابن فارس (5/ 199) : “( لُبَّ ) اللَّامُ وَالْبَاءُ . أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى لُزُومٍ وَثَبَاتٍ ، وَعَلَى خُلُوصٍ وَجَوْدَةٍ . فَالْأَوَّلُ أَلَبَّ بِالْمَكَانِ ، إِذَا أَقَامَ بِهِ ، يُلِبُّ إِلْبَابًا . وَرَجُلٌ لَبٌّ بِهَذَا الْأَمْرِ ، إِذَا لَازَمَهُ وَحَكَى الْفَرَّاءُ : امْرَأَةٌ لَبَّةٌ : مُحِبَّةٌ لِزَوْجِهَا ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ عَلَى وُدِّهِ أَبَدًا . وَمِنَ الْبَابِ التَّلْبِيَةُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : لَبَّيْكَ . قَالُوا : مَعْنَاهُ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكَ . وَنُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ ، وَثُنِّيَ عَلَى مَعْنَى إِجَابَةٍ بَعْدَ إِجَابَةٍ . ” اه
قال النووي رحمه الله :”لبيك” قال العلماء معناه أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة يقال لب بالمكان لبا وألب إلبابا أي أقام به وَأَصْلُ ( لَبَّيْكَ ) لَبَّيْنَ فَحُذِفَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ ” شرح صحيح مسلم
قال المهلب رحمه الله : ” والإجابة بنعم وكل ما يفهم منه الإجابة كافٍ ، ولكن إجابة السيد والتشريف بالتلبية والإرحاب والإسعاد أفضل ” انتهى من “شرح صحيح البخارى” (9 /50) .
ويدل كلام المهلب على أن التلبية إنما تقال للحي التي يستحق هذه اللفظة لمنزلته عند الله أو لعظم حقه على المنادى فلا تقال للفاسق أو المبتدع أو الكافر …
جاء في المدونة عن الامام مالك رحمه الله: أن عمر بن الخطاب كتب عام الرمادة إلى عمرو بن العاص في مصر: ” واغوثاه ” ـ فأجاب عمرو: لبيك، لبيك، لبيك.
وذكر ابن سعد في الطبقات: أن بلالا قال مرة يا أبا بكر: فقال أبو بكر: لبيك، فقال: أعتقتني لله، أو لنفسك؟ قال: لله، قال: فأذن لي حتى أغزو في سبيل الله.
فإذا كان مقررا أن النداء والخطاب إنما يكون للحي ؛ فلا ينادى إلا الحي الذي يسمع من يناديه ، ولا يخاطب كذلك إلا الحي الذي يسمع الخطاب ، ولا يطلب شيء إلا من الحي الذي يسمع ، ويقدر عادة على ما طلب منه .
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
توجد بعض الملصقات على المحلات مكتوب عليها : ” لبيك يا رسول الله! “
فهل تجوز هذه العبارة ؟ وهل هي شرك ؟ وما الواجب علينا نحوها ؟
فأجاب :” لبيك ” هذا لله عز وجل : ليبك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك .
أما ” لبيك يا رسول الله ” : لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم ناداك ، وقال : يا فلان ، تقول : ” لبيك يا رسول الله ” ، كما كان الصحابة رضي الله عنهم إذا دعاهم قالوا : لبيك يا رسول الله .
أما بعد موته : فلا تقل :” لبيك يا رسول الله ” ؛ تقول : لبيك اللهم لبيك ” انتهى .
ولا يخفى أن غير النبي صلى الله عليه وسلم من الاموات أولى بهذا المنع فلا يقال: ” لبيك يا حسين ” ونحو ذلك .
سئل المفتي عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله : هناك عبارات ، وكلمات يرى أن لزاماً عليه تصحيحها . مثل قولهم: لبيك يا محمد؛ ونحري دون نحرك يا رسول الله. أي نداء الرسول “صلى الله عليه وسلم” ؟
الجواب: ” يا إخواني: كل هذه لا داعي لها الكلام ما هو بالقول؛ الكلام بالفعل ننصر السنة؛ بالعمل بها . أقول لبيك يا رسول الله ، وأنا مخالف لسنته . ينبغي أن لا تكون أمورنا مجرد ألفاظ ؛ وإنما نسعى في تصحيح أوضاعنا ، وننظر الأخطاء التي خالفنا فيها السنة ، حتى نصحح مسيرتنا. ” اه
كذلك لو ناداك أحد والديك فقلت : “لبيك يا أبي ” أو ” لبيك يا أمي ” فهذا طيب ما لم يكن نداءا لمعصية .
Visits: 2684