ضوابط التعامل مع الكفار والعمل عندهم

Home / العقيدة والمنهج / ضوابط التعامل مع الكفار والعمل عندهم
ضوابط التعامل مع الكفار والعمل عندهم
قال العلامة محمد بن علي فركوس حفظه الله : اعلم أنَّ مِن أصول العقيدة الإسلامية أن يُوالِيَ المسلمُ أهلَها ويُعَادِيَ أعداءَها، لكن معاداتُنا للكُفَّار وهي البَرَاءُ لا تعني الإساءةَ لهم بالأقوال والأفعال، 
فالتبرُّؤُ مِنَ المشركين وبُغْضُهُم لا يمنع من أداء الحقوق لهم وقَبول شهادة بعضهم على بعضٍ وحُسْنِ المخالقة معهم، قال تعالى: ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[الممتحنة: ٨]، كما لا يُمنع من معاشرة الكتابية بالمعروف: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء: ١٩]، وذلك غير مانعٍ -أيضًا- من الإحسان إلى الوالدين والأقربين وأهل الجِوار ولو كانوا مشركين، بل هو من كريم خُلُق المسلم، أَمَرَهُ اللهُ تعالى به، وحضَّه على سلوكه، 
قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان: ١٥]، وقال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا [النساء: ٣٦].
أمَّا التأييد للكُفْرِ ونُصْرَةُ أهلِه فهو محرَّمٌ يَصِلُ إلى الكفر بالله، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: ٥١]، وهو المقصودُ بالبَرَاءِ، ومن حُقوق البراء بُغْضُ الشِّرك وأهلِه والكُفْر وأعوانِه، وعَدَمُ اتِّخاذِ الكفَّار أولياءَ أو مودَّتِهم وعدمُ التشبُّه بهم فيما هو من خصائصهم دِينًا وَدُنْيَا، 
وعَدَمُ مناصرتِهم ولا مدحِهم، ولا إعانتِهم على المسلمين، وعدمُ الاستعانة بهم واتِّخاذِهم بطانةً له يحفظون سرَّه ويقومون بأهمِّ أعماله، وعدمُ مشاركتهم في أعيادهم وأفراحهم وعدمُ جواز تهنئَتهم عليها، وعدمُ التحاكُمِ إليهم أو الرِّضَى بحُكْمِهِم وتركِ حكم الله تعالى، وما إلى ذلك.
فالحاصلُ، إذا كان عملُ المسلم عند الكافر يتضمَّن :
– مُداهَنَةً ومَداراةً على حِساب الدِّين،  
– أو كان العملُ في ذاته غيرَ مشروعٍ،
 – وكان المسلم في موضع إذلال وسُخريةٍ واستهزاءٍ 
فلا يجوز العمل عنده لِما فيه من تعظيم الكافر وتعظيم معصيته، وقد أذلَّه الله وأخزاه، قال تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ[التوبة: ٢٩]، أمَّا إذا خَلاَ من ذلك فهي معاملةٌ جائزةٌ وإجارةٌ مباحةٌ، 
ومع ذلك فلا يُسَوِّدُه ولا يبدؤه بالسلام لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في شأن المنافق: «لا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ»، والكافر بطريق الأَوْلى، 
وقولِه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ»، ما لم يكن مع الكفَّار مسلمون فيجوز له التسليم؛ لأنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَرَّ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاَطٌ مِنَ اليَهُودِ وَالمُسْلِمِينَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ». ” اه
 والخلاصة أن : شروط عمل المسلم عند الكافر ثلاثة : 
الأول: أن يكون العمل الذي سيقوم به الأجير المسلم لمصلحة الكافر، مباحاً ومشروعاً في ذاته، وفي آثاره.
الثاني: ألا يعود على الأجير المسلم في هذا العمل أو بسببه ضرر في الدين؛ كما لو لم يسمح له صاحب العمل بأداء الصلوات أو حضور الجمع والجماعات مثلاً.
الثالث: ألا يشتمل هذا العمل على مذلة أو مهانة للمسلم؛ كالخدمة الشخصية الخاصة، من مثل تقديم الطعام له، أو تقريب حذائه، أو الوقوف بين يديه، أو فتح باب السيارة له، أو الاستهزاء به  ونحو ذلك.   
والله أعلم والحمد لله رب العالمين

Visits: 517