العلامة محمد بن علي فركوس
انعقاد الإمامة الكبرى يتمُّ بإحدى الطُّرق التَّالية:
* الطريق الأول: الاختيار والبيعة من أهل الحل والعقد:أهل الحلِّ والعقد من قادة الأمَّة الذين يتَّصفون بالعلم والرَّأي والمشورة والتوجيه مخوَّلٌ لهم اختيار إمام المسلمين -نيابةً عن الأُمَّة- وَفْق شروطِ ومعاييرِ الإمامة الكبرى، فإذا ما بايعه أهل الحلِّ والعقد ثبتت له بذلك ولاية الإمام الأعظم، ولزمت طاعتُه، وحَرُمت مخالفتُه فيما يأمر به وينهى بالمعروف، وليس من شروط ثبوت الإمامة والطاعة أن يكون كلُّ مسلم من جملة المبايعين له، وإنما تلزم بيعةُ أهل الحلِّ والعقد كلَّ واحدٍ ممن تَنْفُذُ فيه أوامره ونواهيه، لأنَّ المسلمين أمَّةٌ واحدةٌ وجسدٌ واحدٌ، تجمعهم الأخوَّة الإيمانية وتربطهم العقيدة الإسلامية، وهم في الحقوق والحرمات سواءٌ؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «المُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ، وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ، لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ»
قال الشوكاني -رحمه الله-: «طريقها أن يجتمع جماعةٌ من أهل الحلِّ والعقد فيعقدون له البيعة ويقبل ذلك، سواء تقدَّم منه الطلب لذلك أم لا، لكنَّه إذا تقدَّم منه الطلب فقد وقع النهي الثابت عنه صلَّى الله عليه وسلَّم عن طلب الإمارة، فإذا بويع بعد هذا الطلب انعقدت ولايتُه وإن أَثِمَ بالطلب، هكذا ينبغي أن يُقال على مقتضى ما تدلُّ عليه السنَّة المطهَّرة، … والحاصل أنَّ المعتبر هو وقوع البيعة له من أهل الحلِّ والعقد، فإنها هي الأمر الذي يجب بعده الطاعةُ ويَثْبُتُ به الولاية وتحرم معه المخالفة، وقد قامت على ذلك الأدلَّة وثبتت به الحجَّة…»، ثمَّ قال: «قد أغنى الله عن هذا النهوض وتجشُّم السفر وقطعِ المفاوز ببيعةِ مَن بايع الإمامَ من أهل الحلِّ والعقد، فإنها قد ثبتت إمامته بذلك ووجبت على المسلمين طاعتُه، وليس من شرط ثبوت الإمامة أن يبايعه كلُّ من يصلح للمبايعة، ولا من شرط الطاعة على الرجل أن يكون من جملة المبايعين، فإنَّ هذا الاشتراط في الأمرين مردودٌ بإجماع المسلمين: أوَّلهم وآخرهم، سابقهم ولاحقهم».
وبهذا الطريق تمَّت مبايعة أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه، فثبتت خلافته بالبيعة والاختيار في سقيفة بني ساعدة، قال القرطبي -رحمه الله-: «وأجمعت الصحابة على تقديم الصدِّيق بعد اختلافٍ وقع بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة في التعيين».
* الطريق الثّاني: ثبوت البيعة بتعيين ولي العهد:وذلك بأن يعهد وليُّ الأمر إلى من يراه أقدر على مهمَّة حماية الدِّين وسياسة الدنيا، فيخلفه مِن بعدِه، فإنَّ بيعته على الإمامة تلزم بعهدِ مَن قبله، كمثل ما وقع مِن عهدِ أبي بكرٍ لعمر رضي الله عنهما، فإنَّ الصدِّيق رضي الله عنه لَمَّا حضرَتْه الوفاة عَهِد إلى عمر رضي الله عنه في الإمامة، ولم ينكر ذلك الصحابة رضي الله عنهم، وقد اتَّفقت الأمة على انعقاد الإمامة بولاية العهد، وقد عَهِدَ معاوية رضي الله عنه إلى ابنه يزيد كما عَهِدَ غيرُهم، ويدلُّ عليه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أعطى الراية يوم مؤتة زيد بن حارثة وقال: «فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ -أَوِ اسْتُشْهِدَ- فَأَمِيرُكُمْ جَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ -أَوِ اسْتُشْهِدَ- فَأَمِيرُكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ»، فاستُشهدوا جميعًا، ثم أخذها خالد بن الوليد ولم يكن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تقدَّم إليه في ذلك، والحديث دلَّ على وجوب نصب الإمام والاستخلاف، قال الخطَّابي: «فالاستخلاف سنَّةٌ اتَّفق عليها الملأ من الصحابة، وهو اتِّفاق الأمة، لم يخالف فيه إلا الخوارج والمارقة الذين شقُّوا العصا وخلعوا ربقة الطاعة».
* الطريق الثَّالث: ثبوت البيعة بتعيين جماعة تختار ولي العهد.وذلك بأن يعهد وليُّ الأمر الأوَّل إلى جماعةٍ معدودةٍ تتوفَّر فيها شروط الإمامة العظمى، لتقوم باختيار وليِّ العهد المناسب فيما بينهم يتوالَوْن عليه ويبايعونه، كمثل ما فعل عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، حيث عَهِدَ إلى نفرٍ من أهل الشورى لاختيار واحدٍ منهم، قال الخطَّابي -رحمه الله-: «ثم إنَّ عمر لم يُهملِ الأمر ولم يُبطلِ الاستخلاف، ولكنْ جعله شورى في قومٍ معدودين لا يعدوهم، فكلُّ من أقام بها كان رضًا ولها أهلاً، فاختاروا عثمان وعقدوا له البيعة»، ثم لَمَّا استُشهد عثمان رضي الله عنه بايعوا عليًّا رضي الله عنه.
* الطريق الرابع: ثبوت البيعة بالقوّة والغلبة والقهر.إذا غلب على الناس حاكمٌ بالقوَّة والسيف حتَّى أذعنوا له واستقرَّ له الأمر في الحكم وتمَّ له التمكين، صار المتغلِّبُ إمامًا للمسلمين وإن لم يستجمع شروطَ الإمامة، وأحكامُه نافذةٌ، بل تجب طاعتُه في المعروف وتحرم منازعتُه ومعصيته والخروج عليه قولاً واحدًا عند أهل السنَّة، ذلك لأنَّ طاعته خيرٌ من الخروج عليه، لِما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء، ولِما في الخروج عليه من شقِّ عصا المسلمين وإراقة دمائهم، وذهاب أموالهم وتسلُّطِ أعداء الإسلام عليهم.
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: «ومن خرج على إمامٍ من أئمَّة المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقرُّوا له بالخلافة بأيِّ وجهٍ كان بالرضا أو الغلبة؛ فقد شقَّ هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فإن مات الخارج مات ميتةً جاهليّةً، ولا يحلُّ قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحدٍ من الناس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنَّة والطريق»..
وقد حكى الإجماعَ على وجوب طاعة الحاكم المتغلِّب الحافظُ ابن حجر في «الفتح»، والشيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب في «الدرر السنية».
قلت: ومن الإمامة التي انعقدت بالغلبة والقوَّة ولاية عبد الملك بن مروان، حيث تغلَّب على الناس بسيفه واستتبَّ له الأمر في الحكم، وصار إمامًا حاكمًا بالغلبة، ومن ذلك ولاية بني أميَّة في الأندلس: انعقدت لهم بالاستيلاء والغلبة، مع أنَّ الخلافة كانت قائمةً في بغداد للعبَّاسيِّين.
فهذه هي الطُّرق التي تثبت بها الإمامة الكبرى، فتنعقد بالاختيار والاستخلاف سواء بتعيين وليِّ عهدٍ مستخلَفٍ أو بتعيين جماعةٍ تختار من بينها وليَّ عهدٍ، وهما طريقان شرعيَّان متَّفقٌ عليهما، فإذا بايعه أهل الحلِّ والعقد بالاختيار لزمت بيعتُهم سائرَ من كان تحت ولايته، كما تلزمهم البيعةُ الحاصلة بالاستخلاف، وكذا المنعقدة عن طريق القهر والغلبة، فالبيعة حاصلةٌ على كلِّ أهل القطر الذي تولَّى فيه الحاكمُ المستخلَف أو المتغلِّب ممَّن يدخلون تحت ولايته أو سلطانه.
أمَّا انعقاد الولاية أو الإمامة العظمى بأساليب النُّظُم المستوردة الفاقدة للشرعية الدينية -فبغضِّ النظر عن فساد هذه الأنظمة وخطر العمل بها على دين المسلم وعقيدته- فإنَّ منصب الإمامة أو الولاية يثبت بها ويجري مجرى طريق الغلبة والاستيلاء والقهر، وتنعقد إمامة الحاكم وإن لم يكن مستجمِعًا لشرائط الإمامة، ولو تمكَّن لها دون اختيارٍ أو استخلافٍ ولا بيعةٍ.
قال العلامة النوويُّ -رحمه الله-: «وأمَّا الطريق الثالث فهو القهر والاستيلاء، فإذا مات الإمام، فتصدَّى للإمامة من جمع شرائطها من غير استخلافٍ ولا بيعةٍ، وقهر الناس بشوكته وجنوده، انعقدت خلافتُه لينتظم شملُ المسلمين، فإن لم يكن جامعًا للشرائط بأنْ كان فاسقًا أو جاهلاً فوجهان، أصحُّهما: انعقادها لما ذكرناه، وإن كان عاصيًا بفعله».
وعليه، تلزم طاعتُه ولو حصل منه ظلمٌ وجَوْرٌ، ولا يطاع إلاَّ في المعروف دون المعصية؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ»، وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».
قال أبو الحسن الأشعري -رحمه الله- -وهو يعدِّد ما أجمع عليه السلف من الأصول-: «وأجمعوا على السَّمع والطَّاعة لأئمَّة المسلمين، وعلى أنَّ كلَّ من وَلِيَ شيئًا من أمورهم عن رضًى أو غلبةٍ وامتدَّت طاعتُه من بَرٍّ وفاجرٍ لا يلزم الخروجُ عليهم بالسيف، جار أو عدل».
وقال الامام الصابوني -رحمه الله- في -عقيدة السلف -: «ويرى أصحاب الحديث الجمعةَ والعيدين، وغيرَهما من الصلوات خلف كلِّ إمامٍ مسلمٍ بَرًّا كان أو فاجرًا، ويَرَوْنَ جهاد الكفرة معهم وإن كانوا جَوَرَةً فَجَرَةً، ويَرَوْنَ الدعاءَ لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح وبَسْطِ العدل في الرعية، ولا يَرَوْنَ الخروج عليهم وإن رَأَوْا منهم العدول عن العدل إلى الجَوْرِ والحيف، ويَرَوْنَ قتال الفئة الباغية حتَّى ترجع إلى طاعة الإمام العدل».
وقال الامام ابن تيميَّة -رحمه الله-: «فأهل السنَّة لا يطيعون ولاة الأمور مطلقًا، إنما يطيعونهم في ضمن طاعة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، كما قال تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩]»، وقال -رحمه الله- -أيضًا-: «ولهذا كان مذهبُ أهل الحديث تَرْكَ الخروج بالقتال على الملوك البغاة، والصبرَ على ظلمهم إلى أن يستريحَ بَرٌّ أو يُستراحَ من فاجرٍ».
وقال النووي -رحمه الله-: «لا تُنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تَرَوْا منهم منكرًا محقَّقًا تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأَنْكِروه عليهم وقولوا بالحقِّ حيث ما كنتم، وأمَّا الخروج عليهم وقتالُهم فحرامٌ بإجماع المسلمين، وإن كانوا فَسَقَةً ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرتُه، وأجمع أهل السنَّة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق».
أمَّا إن تولَّى الكافرُ الحُكْمَ: فإن توفَّرت القدرة والاستطاعة على تنحيته وتبديله بمسلمٍ كفءٍ للإمامة مع أمن الوقوع في المفاسد وجبت إزالته إجماعًا، لأنَّ الله تعالى قال: ﴿وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩]، والكافرُ لا يُعدُّ من المسلمين، وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ»، وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ»، وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ، مَا صَلَّوْا»، قال ابن حجر -رحمه الله-: «وملخَّصه أنَّه ينعزل بالكفر إجماعًا، فيجب على كلُّ مسلم القيامُ في ذلك: فمن قَوِيَ على ذلك فله الثَّواب، ومن داهن فعليه الإثم».
فإن عجزوا عن إزالته وإقامة البديل، أو لا تنتظم أمور السِّياسة والحكم بإزالته في الحال خشيةَ الاضطراب والفوضى وسوء المآل؛ فالواجب الصَّبر عليه وهم معذورون، لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]، وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»، وهذا أحقُّ موقفًا من الخروج عليه؛ لأنَّ «دَرْءَ المَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ المَصَالِحِ»؛ لقوله تعالى: ﴿وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥].
قال العلاَّمة ابن باز -رحمه الله-: «إذا رأى المسلمون كفرًا بواحًا عندهم من الله فيه برهان فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرةٌ، أمَّا إذا لم تكن عندهم قدرةٌ فلا يخرجون، أو كان الخروج يسبِّب شرًّا أكثر، فليس لهم الخروج، رعايةً للمصالح العامَّة، والقاعدة الشرعية المجمع عليها أنه: لا يجوز إزالة الشرِّ بما هو أشرُّ منه، بل يجب درء الشرِّ بما يزيله أو يخفِّفه، أمَّا درء الشرِّ بشرٍّ أكثرَ فلا يجوز بإجماع المسلمين».
قلت: وتُلْحَق هذه الصورة بالمرحلة المكِّيَّة التي كان عليها النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه قبل الهجرة، فقد كانوا تحت ولاية الكفَّار، وقد أُمروا فيها بالدعوة إلى الله تعالى وكفِّ الأيدي عن القتال والصبر حتى يفتح الله عليهم أَمْرهم ويفرِّج كربهم وهو خير الفاتحين، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [النساء: ٧٧].
هذا، وجديرٌ بالتَّنبيه أنَّه إذا تعدَّد الأئمَّة والسلاطين فالطاعة بالمعروف إنَّما تجب لكلِّ واحدٍ منهم بعد البيعة له على أهل القطر الذي تَنْفُذُ فيه أوامره ونواهيه، وضمن هذا السياق يقول الشوكاني -رحمه الله-: «وأمَّا بعد انتشار الإسلام واتِّساع رقعته وتباعُد أطرافه، فمعلومٌ أنه قد صار في كلِّ قطرٍ أو أقطارٍ الولايةُ إلى إمامٍ أو سلطانٍ، وفي القطر الآخَرِ أو الأقطار كذلك، ولا ينفذ لبعضهم أمرٌ ولا نهيٌ في قطر الآخر وأقطاره التي رجعت إلى ولايته، فلا بأس بتعدُّد الأئمَّة والسلاطين، ويجب الطاعة لكلِّ واحدٍ منهم بعد البيعة له على أهل القطر الذي ينفذ فيه أوامره ونواهيه، وكذلك صاحب القطر الآخر، فإذا قام من ينازعه في القطر الذي قد ثبتت فيه ولايته وبايعه أهله كان الحكم فيه أن يُقتل إذا لم يتبْ، ولا تجب على أهل القطر الآخر طاعتُه ولا الدخول تحت ولايته لتباعُد الأقطار، …
فاعرفْ هذا فإنه المناسب للقواعد الشرعية، والمطابق لما تدلُّ عليه الأدلَّة، ودَعْ عنك ما يقال في مخالفته، فإنَّ الفرق بين ما كانت عليه الولاية الإسلامية في أوَّل الإسلام وما هي عليه الآن أوضَحُ من شمس النهار، ومن أنكر هذا فهو مباهتٌ لا يستحقُّ أن يُخَاطَبَ بالحجَّة لأنه لا يعقلها».
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدّين وسلّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٤ ربيع الثاني ١٤٣٢ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٩ مارس ٢٠١١م
الموافق ﻟ: ٠٩ مارس ٢٠١١م
Visits: 1401