يقول الامام ابن القيم رحمه الله : ” فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، كَمْ فِي النُّفُوسِ مِنْ عِلَلٍ وَأَغْرَاضٍ وَحُظُوظٍ تَمْنَعُ الْأَعْمَالَ أَنْ تَكُونَ لِلَّهِ خَالِصَةً ، وَأَنْ تَصِلَ إِلَيْهِ ؟
وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْعَمَلَ حَيْثُ لَا يَرَاهُ بَشَرٌ الْبَتَّةَ ، وَهُوَ غَيْرُ خَالِصٍ لِلَّهِ ، وَيَعْمَلُ الْعَمَلَ وَالْعُيُونُ قَدِ اسْتَدَارَتْ عَلَيْهِ نِطَاقًا ، وَهُوَ خَالِصٌ لِوَجْهِ اللَّهِ ، وَلَا يُمَيِّزُ هَذَا إِلَّا أَهْلُ الْبَصَائِرِ وَأَطِبَّاءُ الْقُلُوبِ الْعَالِمُونَ بِأَدْوَائِهَا وَعِلَلِهَا .
فَبَيْنَ الْعَمَلِ وَبَيْنَ الْقَلْبِ مَسَافَةٌ ، وَفِي تِلْكَ الْمَسَافَةِ قُطَّاعٌ تَمْنَعُ وَصُولَ الْعَمَلِ إِلَى الْقَلْبِ ، فَيَكُونُ الرَّجُلُ كَثِيرَ الْعَمَلِ ، وَمَا وَصَلَ مِنْهُ إِلَى قَلْبِهِ مَحَبَّةٌ وَلَا خَوْفٌ وَلَا رَجَاءٌ ، وَلَا زُهْدٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا رَغْبَةٌ فِي الْآخِرَةِ ، وَلَا نُورٌ يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِهِ ، وَبَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، وَلَا قُوَّةٌ فِي أَمْرِهِ ، فَلَوْ وَصَلَ أَثَرُ الْأَعْمَالِ إِلَى قَلْبِهِ لَاسْتَنَارَ وَأَشْرَقَ ، وَرَأَى الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ، وَمَيَّزَ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِهِ ، وَأَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ الْمَزِيدَ مِنَ الْأَحْوَالِ .
ثُمَّ بَيْنَ الْقَلْبِ وَبَيْنَ الرَّبِّ مَسَافَةٌ ، وَعَلَيْهَا قُطَّاعٌ تَمْنَعُ وَصُولَ الْعَمَلِ إِلَيْهِ ، مِنْ كِبْرٍ وَإِعْجَابٍ وَإِدْلَالٍ ، وَرُؤْيَةِ الْعَمَلِ ، وَنِسْيَانِ الْمِنَّةِ ، وَعِلَلٍ خَفِيَّةٍ ، لَوِ اسْتَقْصَى فِي طَلَبِهَا لَرَأَى الْعَجَبَ ، وَمِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى سَتْرُهَا عَلَى أَكْثَرِ الْعُمَّالِ ، إِذْ لَوْ رَأَوْهَا وَعَايَنُوهَا لَوَقَعُوا فِيمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهَا ، مِنَ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ وَالِاسْتِحْسَارِ ، وَتَرْكِ الْعَمَلِ ، وَخُمُودِ الْعَزْمِ ، وَفُتُورِ الْهِمَّةِ .
فَبَيْنَ الْعَمَلِ وَبَيْنَ الْقَلْبِ مَسَافَةٌ ، وَفِي تِلْكَ الْمَسَافَةِ قُطَّاعٌ تَمْنَعُ وَصُولَ الْعَمَلِ إِلَى الْقَلْبِ ، فَيَكُونُ الرَّجُلُ كَثِيرَ الْعَمَلِ ، وَمَا وَصَلَ مِنْهُ إِلَى قَلْبِهِ مَحَبَّةٌ وَلَا خَوْفٌ وَلَا رَجَاءٌ ، وَلَا زُهْدٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا رَغْبَةٌ فِي الْآخِرَةِ ، وَلَا نُورٌ يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِهِ ، وَبَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، وَلَا قُوَّةٌ فِي أَمْرِهِ ، فَلَوْ وَصَلَ أَثَرُ الْأَعْمَالِ إِلَى قَلْبِهِ لَاسْتَنَارَ وَأَشْرَقَ ، وَرَأَى الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ، وَمَيَّزَ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِهِ ، وَأَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ الْمَزِيدَ مِنَ الْأَحْوَالِ .
ثُمَّ بَيْنَ الْقَلْبِ وَبَيْنَ الرَّبِّ مَسَافَةٌ ، وَعَلَيْهَا قُطَّاعٌ تَمْنَعُ وَصُولَ الْعَمَلِ إِلَيْهِ ، مِنْ كِبْرٍ وَإِعْجَابٍ وَإِدْلَالٍ ، وَرُؤْيَةِ الْعَمَلِ ، وَنِسْيَانِ الْمِنَّةِ ، وَعِلَلٍ خَفِيَّةٍ ، لَوِ اسْتَقْصَى فِي طَلَبِهَا لَرَأَى الْعَجَبَ ، وَمِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى سَتْرُهَا عَلَى أَكْثَرِ الْعُمَّالِ ، إِذْ لَوْ رَأَوْهَا وَعَايَنُوهَا لَوَقَعُوا فِيمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهَا ، مِنَ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ وَالِاسْتِحْسَارِ ، وَتَرْكِ الْعَمَلِ ، وَخُمُودِ الْعَزْمِ ، وَفُتُورِ الْهِمَّةِ .
وَالطَّبِيبُ الْحَاذِقُ يَعْلَمُ كَيْفَ يُطَبِّبُ النُّفُوسَ ، فَلَا يَعْمُرُ قَصْرًا وَيَهْدِمُ مِصْرًا . ” اه مدارج السالكين
Visits: 626