* (فائدة) للامام ابن القيم رحمه الله
فعل المَأْمُور مَقْصُود لذاته وترك المنْهِي مَقْصُود لتكميل فعل المَأْمُور فَهو مَنهِيّ عَنهُ لأجل كَونه يخل بِفعل المَأْمُور أو يُضعفهُ وينقصه كَما نبه سُبْحانَهُ على ذَلِك في النَّهْي عَن الخمر والميسر بكونهما يصدان عَن ذكر الله وعَن الصَّلاة فالمنهيات قواطع وموانع صادة عَن فعل المأمورات أو عَن كمالها فالنهي عَنْها من باب المَقْصُود لغيره والأمر بالواجبات من باب المَقْصُود لنَفسِهِ.
وقال أيضًا: ” فعل المأمور مقصود لذاته فهو مشروع شرع المقاصد فإن معرفة الله وتوحيده وعبوديته وحده والإنابة إليه والتوكل عليه وإخلاص العمل له ومحبته والرضا به والقيام في خدمته هو الغاية التي خلق لها الخلق وثبت بها الأمر وذلك أمر مقصود لنفسه .
والمنهيات إنما نهى عنها لأنها صادة عن ذلك أو شاغلة عنه أو مفوتة لكماله ولذلك كانت درجاتها في النهي بحسب صدها عن المأمور وتعويقها عنه وتفويتها لكماله فهي مقصودة لغيرها والمأمور مقصود لنفسه فلو لم يصد الخمر والميسر عن ذكر الله وعن الصلاة وعن التواد والتحاب الذي وضعه الله بين عباده لما حرمه وكذلك لو لم يحل بين العبد وبين عقله الذي به يعرف الله ويعبده ويحمده ويمجده ويصلي له ويسجد لما حرمه وكذلك سائر ما حرمه إنما حرمه لأنه يصد عما يحبه ويرضاه ويحول بين العبد وبين إكماله “.
Visits: 11