بسم الله الرحمن الرحيم
اختلف أهل العلم المعاصرين في مسألة الاضراب أو الامتناع عن الطعام من أجل رفع الظلم وأخذ الحقوق على قولين :
القول الاول : المنع مطلقا لانه من الوسائل الغربية المنبثقة عن الديمقراطية الطاغوتية والتي الحكم فيها للشعب بأغلبيته لا لله سبحانه ورسوله وشرعته .
قال الامام الالباني : “هذه عادة أجنبية كافرة لا يجوز للمسلم أن يتخذوها وسيلة لإظهار عدم رضاهم بشيء ما يصدر من قبل الدولة .
و يجب أن نستحضر في هذه المناسبة قوله عليه السلام في حديث معروف ( من تشبه بقوم فهو منهم ) و أحاديث كثيرة وكثيرة جداً جاءت كالتفصيل لهذا الحديث المجمل : ( من تشبه بقوم فهو منهم )…” اه الهدى و النور شريط رقم -465
و يجب أن نستحضر في هذه المناسبة قوله عليه السلام في حديث معروف ( من تشبه بقوم فهو منهم ) و أحاديث كثيرة وكثيرة جداً جاءت كالتفصيل لهذا الحديث المجمل : ( من تشبه بقوم فهو منهم )…” اه الهدى و النور شريط رقم -465
وقال أيضا رحمه الله :” ذلك الصيام الذي هو طاعة لله عز وجل له نظامه وله شروطه وأركانه ، لو أن المسلم أراد أن يواصل الليل بالنهار لكان عاصياً لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تواصلوا فإن كان ولا بد فمن السحور إلى السحور ) .فمواصلة الصيام الذي هو طاعة و عبادة لله لا يجوز فكيف يجوز في شريعة الله أن يضرب عن الطعام ويواصل الليل والنهار اتباعا لطريقة الكفار .
فهنا مخالفتان :
– المخالفة الأولى ما كنا ندن حولها وهو التشبه بالكفار .
– و المخالفة الأخرى أننا سننا لأنفسنا مواصلة الإمساك عن الطعام حيث لا يجوز في العبادة فضلاً أن لا يجوز في غير العبادة ] ا.هـ الهدى و النور شريط رقم -465
فهنا مخالفتان :
– المخالفة الأولى ما كنا ندن حولها وهو التشبه بالكفار .
– و المخالفة الأخرى أننا سننا لأنفسنا مواصلة الإمساك عن الطعام حيث لا يجوز في العبادة فضلاً أن لا يجوز في غير العبادة ] ا.هـ الهدى و النور شريط رقم -465
قال العلامة أحمد النجمي رحمه الله : ( الإضراب ليس من الشرع الإسلامي ، الإضراب ليس من الشرع الإسلامي و إنما هو من الأوضاع التي أخذت عن الكفار ) [ شريط الأجوبة النجمية عن الأسئلة الفلسطينية ]
قال العلامة محمد بن علي فركوس : ( الإضرابات بمختلف أنواعها من أساليب النظم الديمقراطية التي يمارس فيها الشعب مظاهر سيادته المطلقة، وتعد الإضرابات في عرف الديمقراطيين على الأوضاع القائمة ظاهرة صحة، يصحح بها الوضع السياسي أو الاجتماعي أو المهني من السيئ إلى الحسن، أو من الحسن إلى الأحسن، … وعليه، فإن الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات وسائر أساليب الديمقراطية هي من عادات الكفار وطرق تعاملهم مع حكوماتهم، وليست من الدين الإسلامي في شيء” اه
القول الثاني : جواز ذلك مقيدا بعدم الحاق الضرر بالنفس.
قال العلامة ابن عثيمين:”إذا أضْرَبَ عن ذلك لمدَّة لا يَموتُ فيها وكان هذا السببَ الوحيد لخلاصِ نفسِه من الظُّلم أوْ لاستِرْداد حقِّه فإنَّه لا بَأْسَ به إذا كان في بلد يكون فيه هذا العمل للتخلُّص من الظلم أو لحصول حقه، فإنَّه لا بأس به، أمَّا أن يصِلَ إلى حدِّ المَوْتِ فهذا لا يَجوزُ بكلِّ حال” انتهى.من فتاوى “نور على الدرب“وقال العلامةصالح الفَوْزان: “الامتناعُ عن الطعام من أجل الاحْتِجاج إذا كان يضرُّه أو يتسبَّب في هلاكه فإنَّه لا يجوز؛ لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ، وقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} ، وقوله صلَّى الله عليه وسلم: “لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ“.
أمَّا إذا كان الامتِناع عن الطعام لا يضرُّه، وهو يؤدِّي إلى غَرَضٍ مُباح فلا بأسَ به، إذا كان مظلومًا ويُريد أن يتخلَّص به من الظلم”. اه.
أمَّا إذا كان الامتِناع عن الطعام لا يضرُّه، وهو يؤدِّي إلى غَرَضٍ مُباح فلا بأسَ به، إذا كان مظلومًا ويُريد أن يتخلَّص به من الظلم”. اه.
الخلاصة :
الراجح في هذه المسألة هو المنع مطلقا للاسباب الاتية :
1- الواقع المشاهد أن الاضراب عن الطعام لا يأتي بفائدة الا اذا أَلْحَقَ لصاحبه ضررا في جسده ومنها ما يؤول الى عاهة دائمة طول حياته وهذا لا يجوز لأن حفظ النفس من الضرورات الخمس التي اتفقت الشرائع على وجوبها .
وقد تقرر عند أهل العلم وأئمة الدين وجوب الأكل من الطعام المحرم كالميتة وغيرها لمن قارب الهلاك أو تلف عضو أو ضرر بالغ فكيف بالطعام المباح !!!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : “الأَكْلَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَاجِبٌ . قَالَ مَسْرُوقٌ : مَنْ اُضْطُرَّ إلَى الْمَيْتَةِ ، فَلَمْ يَأْكُلْ ، فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ ” انتهى من “الفتاوى الكبرى” (1/389) .
والضرورة كما عرفها العلامة السيوطي والعلامة الزركشي هي : ” بلوغه حدا إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب ، كالمضطر للأكل واللبس بحيث لو بقي جائعا أو عريانا لمات أو تلف منه عضو.…” اه
2- لو افترضنا أن ذاك المُضْرِب عن الطعام لم يتضرر جسده ولكن ضَعُفَتْ قُوَاه بحيث لم يَعُدْ قادرا على أداء الصلوات الخمس المفروضة أو أنه لا يعقل ما يقول في صلاته ولا دعائه – على أقل الاحوال – لشدة ارهاقة ويبوسة ذهنه.
فهذا يؤدي الى تضييع صلوات كثيرة والتي هي من أعظم الواجبات عليه قال تعالى : “حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ” ، وهو من أمسّ الحاجة اليها من أجل رفع ما نزل به من كرب وقد كان عليه الصلاة والسلام اذا حَزَبَه أمر فَزِع الى الصلاة ، ومن أجل أزالة الهم والغم ، قال عليه الصلاة والسلام : ” أرحنا بها يا بلال ” وقال: ” وجعلت قرة عيني في الصلاة ” .
ورحم الله شيخ الاسلام كان يقول في محبسه في القلعة: ” لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبًا ما عدل عندي شكر هذه النعمة، أو قال: ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير، ونحو هذا “.
وكان يقول في سجوده وهو محبوس: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ما شاء الله.
ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال: ﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ ﴾ [الحديد
وقال لتلميذه الامام ابن القيم مرة -رحمة الله عليهما -: ” المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى والمأسور من أسره هواه “.
3- هذا الامتناع عن الطعام ليس من اساليب المسلمين بل هو موروث عن الكفار ، فلا نعلم أحدا من أهل الايمان والتقوى من السابقين أضرب عن الطعام بحجة الضغط على الظالم لغيره أو الظلم لنفسه ولا شك أن أعظم ظلم على الاطلاق هو : الشرك بالله ، قال تعالى : “ان الشرك لظلم عظيم ” .
فلم يضرب شاب قد أسلم عن الطعام من أجل رفع ظلم والديه لأنفسهما وقد بقيا وأصرا على الكفر.
ولكننا في المقابل نجد في السيرة أن امرأة كافرة أضربت عن الطعام من أجل الضغط على ابنها الذي أسلم حتى يرجع عن دينه كما جاء عند مسلم في صحيحه : ” حلفتْ أمُّ سعدٍ -بن أبي وقاص – أن لا تكلمَه أبدًا حتى يَكفُرَ بدِينه . ولا تأكلُ ولا تشربُ . قالت : زعمتَ أنَّ اللهَ وصَّاك بوالدَيك . وأنا أُمُّك . وأنا آمرُك بهذا . قال : مكثتْ ثلاثًا حتى غُشيَ عليها من الجَهدِ . فقام ابنٌ لها يقالُ له عمارةُ . فسقاها . فجعلتْ تدعو على سعدٍ . فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ في القرآنِ هذه الآيةَ : وَوَصَّيْنَا الْإْنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا . وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي [ 31 / لقمان / 15 ] وفيها : وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا “.
4- الافتتان بالديمقراطية وما يتفرع عنها ، والانبهار بما عند الكفار من وسائل للاحتجاج والمطالبة بالحقوق حتى ال الأمر الى ان جعلوا الديمقراطية الكافرة من الاسلام والاسلام بريء منها .
حتى هتف أحد رؤوس الضلال في هذا الزمان من الحركيين الاسلاميين قائلا في مقطع مصور له : ” نحن نتمسك بالديمقراطية ونقاتل في سبيلها !!!” .
نعوذ بالله من الخذلان ومن الحور بعد الكور .
5-الميل الى اهل الفسق والالحاد وأهل البدع والضلال لانهم هم الذين سوف يقومون بالاعتصامات والمسيرات والاضرابات وكل منهم يريد أن يظهر أمام الكاميرا وفي الشاشات ليس من أجل الاسير انما من أجل تكثير سواد حزبه واصطياد الجهّال من الناس .
والكفار أعداء الدين يريدون ذلك وينفقون الاموال من أجل صدِّ المسلمين عن دينهم الحق الذي رضيه الله لهم ، ألا تراهم يعطون الاحزاب هذه ورؤساءها الاموال الطائلة لينفثوا سمومهم في ربوع المسلمين .
ولذا فان من أساليب الكفار التي يجهلها كثير من الناس هي : اختلاق الازمات من اجل اظهار هؤلاء على الشاشات وفي الصحف والاذاعات .فتفطنوا لهذا .
والذين يطبلون ويروِّجون لهذه الاضرابات من بني جلدتنا صنفان :
– قوميون دمقراطيون وعلمانيون : معظمهم لا يصلون وإن صلى بعضهم فنقرا كنقر الغراب ولم يأتي منهم على المسلمين الا الشر والمسخ والخراب .
– حزبيون حركيون يتسترون بالدين : قد ضللوا المسلمين وأحدثوا في الدين ما ليس منه ، فالشرع عندهم ما وافق مصلحة حزبهم ، يقفون في الاعتصامات ومسيرات المشاعل بين يدي الكاميرا أكثر من وقوفهم في صلاتهم بين يدي الله ، ولو دخلت مساجدهم لوجدت العجب العُجاب من السرعة المفرطة في الصلاة وانعدام الطمأنينة فيها والتفنن في البدع والمحدثات .
ولو بذلوا أوقاتهم وأموالهم في نشر التوحيد والسنة وتعليم الناس الدين الحق لكان خيرا لهم وأعظم أجرا وأرفع منزلة في الدنيا والاخرة ولكنهم لا يعقلون .
فاذا كان المحبوس من حُبس قلبه عن ربه تعالى والمأسور من أسره هواه كما سبق ذكره ، فهؤلاء هم الاسرى حقا وهم المحبوسون ولكنهم لا يشعرون !!!.
6- تعريض العائلة والأهل للمخاطرة بدينهم بسبب أولائك الذين سوف يَفِدُون عليهم ممن سبق ذكرهم بحجة التضامن والمساعدة والوقوف الى جانبهم . والحقيقة : ” انهم يريدون التقاط الصور بجانبهم ” .
ولسوف يدعونهم الى مؤتمراتهم واجتماعاتهم ويحرجونهم بسبب تعاطفهم معهم .
ولذا كان الامام ابن المبارك يقول : “اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يداً فيحبه قلبي)) رواه اللالكائي ، لأن الانسان مجبول على حُبِّ من أحسن اليه .
واخيرا أقول : رحم الله يوسف عليه السلام الصديق ابن الصديق لما دعي الى معصية شهوانية قال : ” رب السجن أحب الي مما يدعونني اليه ” .
فمن باب أولى أن يقول المؤمن اذا دعي الى الديمقراطية من قبل أربابها :
” رب السجن أحب الي مما يدعونني اليه ” ولا منجا للعبد الا اليه – سبحانه – .
والله أعلم ، والحمد لله رب العالمين .
Visits: 58