كشف اللثام عن مسأله : ولاية المرأة القضاء في الاسلام

Home / الفقه / كشف اللثام عن مسأله : ولاية المرأة القضاء في الاسلام
كشف اللثام عن مسأله : ولاية المرأة القضاء في الاسلام

عن أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ : ” لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً ”  رواه البخاري (4425) .

 لفظ ” أمرهم ” عام فيشمل كل أمر من أمور المسلمين العامة .

قال ابن التين: استدل بحديث أبي بكرة من قال : لا يجوز أن تولى المرأة القضاء، وهو قول الجمهور.  

قال الامام البغوي في شرح السنة : ” اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إمامًا ولا قاضيًا، لأن الإمام يحتاج إلى الخروج لإقامة أمر الجهاد والقيام بأمور المسلمين، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات، والمرأة عورة لا تصلح للبروز وتعجز لضعفها عن القيام بأكثر الأمور، ولأن المرأة ناقصة والإمامة والقضاء من كمال الولايات فلا يصلح لها إلا الكامل من الرجال “ اه    

قال ابن قدامة الحنبلي في ” المغني”: ”  لم يول النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه ولا من بعدهم امرأة قضاءً ولا ولاية بلد، فيما بلغنا، ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان غالبا “.

 قال ابن العربي المالكي في ” أحكام القرآن” : ” فإن المرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجالس، ولا تخالط الرجال، ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير.. تجمعها والرجال مجلس تزدحم فيه معهم، وتكون منظرة لهم، ولم يفلح قط من تصور هذا ولا من اعتقده ” اه

قال العلامة الشوكاني رحمه الله : ” فليس بعد نفي الفلاح شيء من الوعيد الشديد , ورأس الأمور هو القضاء بحكم الله عز وجل , فدخوله فيها دخولاً أولياً ” انتهى .

فأما ما ينسب إلى ابن جرير الطبري رحمه الله من القول بالجواز مطلقا فلم يثبت عنه في نقل صحيح .

وأما بالنسبة لأبي حنيفة رحمه الله فقد روي عنه : ”  أنها تلي الحكم فيما تجوز فيه شهادة النساء ” 

ومعلوم أن عقد النكاح بشهادة امرأتين غير صحيح في مذهب الإمام أحمد، والشافعي، وظاهر مذهب أبي حنيفة، وقال به الإمام مالك.

 سئل الامام مالك رحمه الله عن شهادة المرأة في القصاص فقال: ” لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القصاص ولا في الطلاق ولا في النكاح “. فكيف يقال بجواز تولية المرأة القضاء في الأحوال الشخصية : النكاح والطلاق …!! 

وأبو حنيفة رحمه الله لا يقول بالجواز مطلقا كما يُرَوِّج البعض إنما خلاصة قوله : أنها لو وليت القضاء فحكمها ينفذ في الأموال دون الحدود مع إثم من ولاها.

ثم لا يلزم من القول بصحة حكمها في الأموال- إذا وليت القضاء- القول بجواز تولِّيها القضاء في الأموال ، وأما الحدود فلا يصح حكمها ولو وليت .

قال الحطَّاب الطرابلسي المالكي في مواهب الجليل” لعل كل ما نسب إلى هؤلاء الأعلام لم تصح نسبته إليهم لرسوخ أقدام القوم، وأن لهم اليد الطولى في العلم، وإلا فكيف يصح أن يقول مثل هؤلاء: يجوز تولية المرأة في الإسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)  

فيظهر جليا مما سبق أن الأئمة الأربعة لا يجيزون ولاية المرأة القضاء ولا يصح حكمها إلا في الأموال عند أبي حنيفة فقط أما الحدود فهم متفقون على بطلانه 

الرد على من يحتج بما روي عن عمر رضي الله عنه  أنه ولى – الشفاء بنت عبد الله – حِسْبَةَ السوق :

قال ابن العربي رحمه الله : ” وقد روي أن عمر قدم امرأة على حسبة السوق، ولم يصح، فلا تلتفتوا إليه، فإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث. ” اه

وهذه القصة أخرجها ابن أبي عاصم في “الآحاد والمثاني” قال: حدثنا دحيم , عن رجل , سماه عن ابن لهيعة , عن يزيد بن أبي حبيب , أن عمر , رضي الله عنه “استعمل الشفاء على السوق، قال: ولا نعلم امرأة استعملها غير هذه“.اهـ
وهذا الإسناد ضعيف جدا، فيه ثلاث علل: الرجل الذي لم يسم، وابن لهيعة ضعيف، ويزيد لم يسمع من عمر.

كما وجاء في كتاب “جمهرة أنساب العرب” لابن الكلبي ص33: “سليمان بن أبي حثمة بن حذيفة بن غانم وأمه الشفاء بنت عبد الله، وكان سليمان بن أبي حثمة شريفا، ومن صالحي المسلمين، واستعمله عمر بن الخطاب على سوق المدينة“.

وكذلك ذكره مصعب الزبيري في “نسب قريش” 10/374، وابن أبي خيثمة في “تاريخه” 2/786، وأبو أحمد الحاكم في “الأسامي والكنى” 4/61، وابن عساكر في “تاريخ دمشق” 22/215، وابن الأثير في “أسد الغابة في معرفة الصحابة” 1/476، وغيرهم.
فهؤلاء العلماء ذكروا أن الذي أُسْتُعْمِلَ على السوق هو ابنها سليمان لا هي، وجزموا بذلك. 

فتبين مما سبق بوضوح وجلاء أنه لا يجوز تولية المرأة القضاء ولا الولايات العامة.

وهذا هو الحق ليس به خفاء فدعني من بنيات الطريق. 

وفي ذلك ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين 

والله أعلم ، والحمد لله رب العالمين . 

Visits: 522