بسم الله الرحمن الرحيم
إن َّمن أهم الأمور التي ينبغي التثبت منها عند توريث المتوارثين من أصحاب الموت الجماعي في حوادث السيارات، أو الطائرات، أو الزَّلازل، ونحو ذلك …هي معرفة مُتقدِّمهم من مُتأخِّرهم في الموت، و أوَّلهم من آخرهم، لأنَّ ثمة بعض الحالات لا يجوز فيها أن نُورِّث بعضهم من بعض، وهو محلُّ الخطأ المقصود بالتنبيه في هذا الموضع .
الحالة التي يُورَّث فيها بعضهم من بعض:
كأن يموت متوارثان بأحد الأسباب المذكورة آنفًا، ويُعلم من مات منهم أوَّلًا، ففي هذه الحالة يرث الميِّت الثاني من الميِّت الأوَّل، ولا يرث الميِّت الأوَّل منالثاني، وإنما يكون ميراث الميِّت الثاني لورثته الأحياء.
كأن يموت أبٌ وابنه في حادث سيارة، فيموت أحدهما مباشرة ولنُقدِّر أنه الابن، ثم يموت الأب بعده متأثِّرًا بجراحه، فهنا: نُورِّث الأب من الابن، ولا نُورِّث الابن من الأب، لأن الميِّت الأول دائمًا هو المورِّث،
ولهذا من الأخطاء الشائعة في هذا الباب: إقامة ابن الابن مقام الابن في الميراث، وهذه الحالة من صور تلك المسألة فلو فرضنا أن لهذا الابن المتوفى في هذا الحادث ابنًا، فإن من الناس من يقيم هذا الابن مقام أبيه المتوفى حتى يرث من جده، مع أن لهذا الابن أعمامٌ هم أبناءٌ صلبيون لجدِّه، ومثل هؤلاء لا يرث معهم ابن الابن بل يحجب .
الحالة التي لا يُورَّث فيها بعضهم من بعض :
وهذه الحالة لها صورتان:
** الصورة الأولى: أن يُعلم أنهما ماتا في وقت واحد، فلا يرث أحدهما من الآخر، لأن من شروط الارث تحقق حياة الوارث بعد موت المُورِّث، وهو مُنتفٍ هنا .
** الصورة الثانية: أن يُشكِل أمرهما فلا يُدرى أيُّهما مات أوَّلًا، فلا يرث بعضهم بعضًا كذلك، وتنتقل ترِكة كلِّ واحدٍ منهما إلى ورثته الأحياء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في ” الفتاوى ” (31/356):« من عَمِيَ موتهم فلم يُعْرَفْ أيهم مات أولاَ، فالنزاع مشهور فيهم، والأشبه بأصول الشريعة أن لا يرث بعضُهم من بعض، بل يرث كل واحد ورثته الأحياء، وهو قول الجمهور، وقولٌ في مذهب أحمد؛ لكنه خلاف المشهور في مذهبه ، وذلك لأن المجهول كالمعدوم في الأصول.. »انتهى .
وبالنسبة للورثة الأحياء، منهم من يرث من التَّرِكَتيْن، تركة الأب، وتركة الابن، كزوجة الأب، فإنها تكون في فريضة الأب زوجة، فترث منه ميراث الزوجة ، وفي فريضة الابن تكون هذه الزوجة أُمًّا فترث من ابنها المتوفى، بالشروط المعلومة.
والعلم عند الله تعالى والحمد لله رب العالمين
Visits: 314