سُئِل العلامة الفقيه ابن عثيمين رحمه الله : كيف يقضي الله كوناً ما لا يُحِب؟
فأجاب بقوله: المحبوب قسمان :
الأول: محبوب لذاته .
الثاني : محبوب لغيره .
فالمحبوب لغيره قد يكون مكروهاً لذاته، ولكن يحب لما فيه من الحكمة والمصلحة ، فيكون حينئذ محبوباً من وجه ، مكروهاً من وجه آخر ، مثال ذلك قوله -تعالى – : {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً} .
فالفساد في الأرض في حد ذاته مكروه إلى الله -تعالى – ؛ لأن الله – تعالى – لا يحب الفساد ولا المفسدين،
ولكن للحِكَمِ التي يتضمنها يكون محبوباً إلى الله ـ عز وجل -من وجه آخر ،
وكذلك العلو في الأرض ، ومن ذلك القحط ، والجدب ، والمرض ،والفقر يقدره الله – تعالى – على عباده مع أنه ليس محبوباً إليه في حد ذاته ، لأن الله لا يحب أن يؤذي عباده بشيء من ذلك ، بل يريد بعباده اليسر ،
لكن يقدره للحِكَمِ المترتبه عليه ، فيكون محبوباً إلى الله من وجه، مكروهاً من وجه آخر
قال الله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} .
فإن قيل : كيف يتصور أن يكون الشيء محبوباً من وجه ومكروهاً من وجه آخر؟
أجيب : بأن هذا أمر واقع لا ينكره العقل ، ولا يرفضه الحس ،
فها هو الإنسان المريض يعطى جرعة من الدواء مرة كريهة الرائحة ، واللون، فيشربها وهو يكرهها لما فيها من المرارة ، وكراهة اللون ، والرائحة، ويحبها لما يحصل فيها من الفشاء ،
وكذا الطبيب يكوي المريض بالحديدة المحماة على النار ، ويتألم منها فهذا الألم مكروه له من وجه ، محبوب له من وجه آخر. ” اه
Hits: 79