قال الامام ابن القيم في “زاد المعاد”: فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين، إلى أن قال: ” ولم يكن يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه ، بل إن كانتا في الخف مسح عليهما ولم ينزعهما، وإن كانتا مكشوفتين غسل القدمين ولم يلبس الخف ليمسح عليه. وهذا أعدل الأقوال في مسألة الأفضل بين المسح والغسل قاله شيخنا أ.هـ.
قال الشيخ ابن قاسم في “حاشية الروض المربع” عند قول الشارح: ” ولا يُسَنُّ أن يلبس خفاً ونحوه ليمسح عليه كالسفر ليترخص …..“إلخ. يعني أنه يكره للمسلم السفر لأجل أن يتمتع برخصة من الفطر والقصر والجمع ونحوها، إذا لم يكن له غرض في السفر سوى التمتع بالرخص، فكذا من لا حاجة به إلى لبس الخف أو الجورب، وإنما قصد بلبسه سقوط غسل القدمين، مع أن فرضهما الغسل، وإنما المسح على الخفين رخصة عند الحاجة ” اه
فتبين مما سبق أن المنهي عنه هو التكلف في لبس الخفين أو الجوربين للمسح عليها من غير حاجة إلى ذلك ونظير هذا نزع الخف أو الجورب لغسل القدمين من غير حاجة إلى ذلك .
وقد ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ” نهينا عن التكلف ” وهذا حكم عام في العبادات والمعاملات وغيرهما .
فدل ذلك أن من لبس الجورب للمسح عليه بسبب البرد أو بسبب مشقة الغسل لمرض أو سفر أو عمل أو ضيق وقت فقد أخذ بالرخصة في محلها لأنه لبس الجوربين لحاجة وليس لمجرد سقوط غسل القدمين دون حاجة فأراد بذلك رفع الحرج عن نفسه بما جاء من رخصة في الشرع فأصاب السنة وسَلِمَ من التكلف.
كما وننبه أيضا أنه لا يُشترط لجواز المسح على الخفين أن ينوي المسح عليهما عند لبسهما
قال العلامة ابن عثيمين : ” النية هنا غير واجبة، لأن هذا عمل عُلّق الحكم على مجرد وجوده، فلا يحتاج إلى نية، كما لو لبس الثوب فإنه لا يشترط أن ينوي به ستر عورته في صلاته مثلاً، فلا يُشترط في لبس الخفين أن ينوي أنه سيمسح عليهما، ولا كذلك نية المدة، بل إن كان مسافراً فله ثلاثة أيام نواها أم لم ينوها، وإن كان مقيماً فله يوم وليلة نواها أم لم ينوها “
والله أعلم والحمد لله رب العالمين
Visits: 73