ويجوز لمن صلى الوتر أن يصلي بعده ما شاء فإن الأمر بجعل آخر صلاة الليل وترا أمر استحباب لا إيجاب، ويدل على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر جالسا. رواه مسلم
قال النووي رحمه الله: قولها: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة يصلي ثمان ركعات ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح. هذا الحديث أخذ بظاهرهالأوزاعي وأحمد فيما حكاه القاضي عنهما فأباحا ركعتين بعد الوتر جالسا، وقال أحمد: لا أفعله ولا أمنع من فعله، قال وأنكره مالك.
قلت: الصواب أن هاتين الركعتين فعلهما صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالسا لبيان جواز الصلاة بعد الوتر، وبيان جواز النفل جالسا، ولم يواظب على ذلك بل فعله مرة أو مرتين أو مرات قليلة. انتهى.
فالتنفل بعد الوتر للمنفرد قد حصل فيه خلاف بين العلماء، لكن الصحيح في ذلك أنه يجوز له أن يتنفل من الليل ما شاء إلا أنه لا يوتر في آخر صلاته، لأنه قد أوتر، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول:« لاَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ » .
وقال الإمام أبو عيسى الترمذي – رحمه الله تعالى -:” قال بعض أهل العلم من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وغيرهم: إذا أوتر من أول الليل ثم نام ثم قام من آخر الليل فإنه يصلي ما بدا له، ولا ينتقض وتره، ويدع وتره على ما كان؛ وهو قول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، والشافعي، وأهل الكوفة، واحمد، وهذا أصحُّ، لأنه قد روي من غير وجه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – صلى بعد الوتر“.
والحمد لله رب العالمين
Visits: 44