بسم الله الرحمن الرحيم
عَنِ عبد الله ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمُتَلاَعِنَيْنِ : ” حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ ، لاَ سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا ” قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَالِي ؟قَالَ : “ لاَ مَالَ لَكَ ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا ، فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا ، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا ، فَذَاكَ أَبْعَدُ وَأَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا ” متفق عليه
قال العلامة النووي: “ فِي هَذَا دَلِيل عَلَى اِسْتِقْرَار الْمَهْر بِالدُّخُولِ وَعَلَى ثُبُوت مَهْر الْمُلَاعَنَة الْمَدْخُول بِهَا وَالْمَسْأَلَتَانِ مُجْمَع عَلَيْهِمَا، وَفِيهِ أَنَّهَا لَوْ صَدَّقَتْهُ وَأَقَرَّتْ بِالزِّنَا لَمْ يَسْقُط مَهْرهَا. ” اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر: وَيُسْتَفَاد مِنْ قَوْله : ” فَهُوَ بِمَا اِسْتَحْلَلْت مِنْ فَرْجهَا “ أَنَّ الْمُلَاعَنَة لَوْ أَكَذَبَتْ نَفْسهَا بَعْد اللِّعَان وَأَقَرَّتْ بِالزِّنَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْحَدّ، لَكِنْ لَا يَسْقُط مَهْرهَا. اهـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ” لا يسقط المهر بمجرد زناها، كما دلَّ عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم للملاعن لما قال: مالي، قال: لا مال لك عندها، إن كنت صادقا عليها فهو بما استحللتَ من فرجها، وإن كنت كاذباً عليها فذلك أبعد لك منها ” لأنها إذا زنت قد تتوب، لكن زناها يبيح له إعضالها، حتى تفتدي منه نفسها إن اختارت فراقه أو تتوب. اهـ.
قال تعالى: “ وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ” {النساء: 19}.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : قوله: ” إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ” قال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المُسَيَّب والشَّعْبِيُّ والحسن البصري وابن سيرين وسعيد بن جُبَيْرٍ ومجاهد وعِكْرَمَة وعَطاء الخراسانيّ والضَّحَّاك وأبو قِلابةَ وأبو صالح والسُّدِّي وزيد بن أسلم وسعيد بن أبي هلال: يعني بذلك الزنا. يعني: “ إذا زنت فلك أن تسترجع منها الصداق الذي أعطيتها وتُضَاجرهَا حتى تتركه لك وتخالعها “، وقال ابن عباس وعكرمة والضحاك: الفاحشة المبينة:النُّشوز والعِصْيان، واختار ابن جرير أنَّه يَعُم ذلك كلَّه: الزنا والعصيان والنشوز وبَذاء اللسان وغير ذلك. اهـ.
وقال العلامة السعدي رحمه الله: ” إذا أتين بفاحشة مبينة كالزنا والكلام الفاحش وأذيتها لزوجها، فإنه في هذه الحال يجوز له أن يعضلها، عقوبة لها على فعلها لتفتدي منه إذا كان عضلا بالعدل “. اهـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” الزوج له أن يستوفي حد الفاحشة من البَغِيِّ الظالمة له المعتدية عليه، فإذا لم تكن الفاحشة معلومة بإقرار ولا بينة كان عقوبة ما ظهر منها كافيا في استيفاء الحق مثل الخلوة والنظر ونحو ذلك من الأسباب التي نهي الله عنها. “ اهـ.
ملاحظة : إذا زالت بكارة المرأة بوطء مشروع أو غير مشروع ، فما الحكم الشرعي إذا عَقَدَ رجلٌ عليها في حالتين : الحالة الأولى : إذا اشترط البكارة . والحالة الثانية : إذا لم يشترط البكارة ، فهل له حق الفسخ أم لا ؟ .
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله : “المعروف عند الفقهاء : أن الإنسان إذا تزوج امرأة على أنها بكر ، ولم يشترط أن تكون بكراً : فإنه لا خيار له ؛ وذلك لأن البكارة قد تزول بعبث المرأة بنفسها ، أو بقفزة قوية تُمَزِّق البكارة ، أو بإكراه على زنا ، فما دام هذا الاحتمال وارداً : فإنه لا فسخ للرجل إذا وجدها غير بكر . أما إذا اشترط أن تكون بكراً : فإن وجدها غير بكر : فله الخيار ” اه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” لو شرط أحد الزوجين في الآخر صفةً مقصودة ، كالمال ، والجمال ، والبكارة ، ونحو ذلك : صح ذلك ، وملك المشترِط الفسخ عند فواته في أصح الروايتين عن أحمد ، وأصح وجهي الشافعي ، وظاهر مذهب مالك ، والرواية الأخرى : لا يملك الفسخ إلا في شرط الحرية والدِّين ” مجموع الفتاوى ” ( 29 / 175 ) .
والله أعلم والحمد لله رب العالمين .
Visits: 618