بسم الله الرحمن الرحيم
جمهور العلماء على أن الله خلق حوَّاءَ من ضِلَع آدم، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾[النساء: 1]، وقولِه سبحانه: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [الأعراف: 189].
قال جمهور المفسرين: المعنى أن الله خلقَكم – أيها الناس – من آدم عليه الصلاة والسلام، وخلَق من ضِلَع آدم حواء عليها السلام.
وقال بعض المفسرين والمحقيق من أهل العلم: المعنى: وخلق الله من جنس آدم حواء عليها السلام، فــ (مِن) ليست للتبعيض، بل لبيان أن الله خلَق حواء من جنس آدم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خُلقت من ضِلَع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبتَ تُقيمه كسرتَه، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء“.
قال ابن حجر: “كأن فيه إشارةً إلى ما أخرجه ابن إسحاق في المبتدأ عن ابن عباس أن حواء خُلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر”.
قال الشيخ القاري في “شرح المشكاة” (3/ 460): أي خُلقن خلقًا فيه اعوجاج، فكأنهن خُلقن من الأضلاع، وهو عظم معوجٌّ، واستعير للمعوجِّ صورةٌ أو معنى، ونظيره في قوله تعالى: ﴿ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ﴾ ” اه.
قال العلامة الالباني : وهذا هو الراجح عندي؛ أنه استعارةٌ وتشبيهٌ لا حقيقة، وذلك لأمرين:
الأول: أنه لم يثبت حديث في خلق حوَّاء من ضِلَع آدم.
والآخر: أنه جاء الحديث بصيغة التشبيه في رواية عن أبي هريرة؛ بلفظ: ((إن المرأة كالضِّلع...))؛ أخرجه البخاري ومسلم
والخلاصة : أننا لا نجزم بأن الله خلق حواء من ضلع آدم؛ لأنه لم يثبت في ذلك حديثٌ صحيح صريح،
وأما ما نقله المفسرون في ذلك فهو من الإسرائيليات التي لا تُصدَّق ولا تُكذَّب،ولا ننكر على القائل به لاحتمال صحته
لكننا لا نجزم بكيفية خلق الله لحواءَ عليها السلام، ولا نتكلَّف الإجابة؛ بل نقول: الله أعلم، والله على كل شيء قدير، ونقول كما قال الله: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ وقال : ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ .
والله أعلم والحمد لله رب العالمين .
Visits: 778