بسم الله الرحمن الرحيم
إن مما انتشر على ألسنة كثير من الخطباء والدعاة والكُتَّاب الحركيّين : ” أن أهل الذمة لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين “
حتى اعتقد معظم الناس أنه تشريع من رب العالمين ثابت عن رسوله الأمين !!!
قال تعالى : ” وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ”
ولذا قال إمام أهل الشام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله (في مقدمة المجلد الخامس من السلسلة الضعيفة ) عما شاع وذاع بين الناس مما لم يثبت :” يحسبها الجاهلُ أو الغافلُ من الأحاديث الصحيحة، بل إن بعضها قد يلهج بها من يظنه بعضُ الناسِ أنه من كبار الدعاة إلى الإسلام كالحديث (2176) كما يأتي ” اهــ
قال رحمه الله عند حديث رقم (2176) في السلسلة الضعيفة المجلد الخامس :( ” لهم ما لنا ، وعليهم ما علينا ” . يعني أهل الذمة .
باطل لا أصل له في شيء من كتب السنة .
وإنما يذكره بعض الفقهاء المتأخرين ممن لا دراية لهم في الحديث .
ولقد جاء ما يشهد ببطلان الحديث ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لهم ما لنا وعليهم ما علينا ” ليس في أهل الذمة ، وإنما في الذين أسلموا من أهل الكتاب والمشركين ، كما جاء في حديث سلمان وغيره ، رواه مسلم وغيره . وهو مخرج في ” الإرواء ” ( 1247 ) وغيره .
وإن مما يؤكد بطلانه مخالفته لنصوص أخرى قطعية كقوله تعالى : ” أفنجعل المسلمين كالمجرمين . ما لكم كيف تحكمون ” ، وقوله صلى الله عليه وسلم :” لا يقتل مسلم بكافر ” ، وقوله :” للمسلم على المسلم خمس : إذا لقيته فسلم عليه ” الحديث ، وقوله :” لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام .. ” .
وكل هذه الأحاديث مما اتفق العلماء على صحتها .
وكل هذه الأحاديث مما اتفق العلماء على صحتها .
ومن هنا يظهر جليا صدق عنوان كتابنا هذا في الأحاديث الضعيفة : ” وأثرها السيئ في الأمة ” .
فطالما صرفت كثيرا منهم على مر الدهور والعصور عن دينهم ،لا فرق في ذلك بين العقائد والأحكام والأخلاق والسلوك .
وليس ذاك في العامة فقط ، بل وفي بعض الخاصة ، وها هو المثال بين يديك ، فإن هذا الحديث الباطل قد تلقاه بالقبول بعض الدعاة والكتاب الإسلاميين ، وأشاعوه بين الشباب المسلم في كتاباتهم ومحاضراتهم ، وبنوا عليه من الأحكام ما لم يقل به عالم من قبل !
فهذا هو كاتبهم الكبير محمد الغزالي يقول فيما سماه بـ “ السنة النبوية ” ( ص 18 ) :” وقاعدة التعامل مع مخالفينا في الدين ومشاركينا في المجتمع : لهم ما لنا وعليهم ما علينا . فكيف يهدر دم قتيلهم ؟ ! ” .
وهو تابع في ذلك لحسن البنا -عفا الله عنه -، فهو الذي أشاعه بين شباب الإخوان وغيرهم ، وهذا سيد قطب عفا الله عنه يقول مثله ، ولكن بجرأة بالغة على تصحيح الباطل :” وهؤلاء لهم ما لنا وعليهم ما علينا بنص الإسلام الصحيح ” !! كذا في كتابه ” السلام العالمي ” ( ص 135 – طبع مكتبة وهبة الثانية ) .
وقد جرى على هذه الوتيرة من المخالفة للنصوص الصحيحة ، اعتمادا على الأحاديث الضعيفة غير هؤلاء كثير من الكتاب المعاصرين ، لجهلهم بالسنة ، وتقليدهم لبعض الآراء المذهبية ، ومن هؤلاء المودودي عفا الله عنه ، وقد تقدم الرد عليه في تسويته بين المسلم والذمي في الحقوق العامة تحت الحديث المتقدم برقم ( 460 ) .
وإن مما يحسن لفت النظر إليه أن الأحناف الذين تفردوا بهذا الحديث الباطل ،لم يأخذوا به إلا في المبايعات كما في كتاب ” الهداية ” ، خلافا لهؤلاء الكتاب الذي توسعوا في تطبيقه توسعا خالفوا به جميع العلماء . فاعتبروا يا أولي الألباب ! ) انتهى كلامه. (والله إنَّ هذا الامام لشرفٌ وفخرٌ لاهل الشام).
والحمد لله رب العالمين .
Visits: 1308