سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن الفرق بين التوبة والاستغفار، وهل للاستغفار أثر في تخفيف الذّنب مع الإصرار؟
فأجاب: “الاستغفار يكون عن ذنبٍ مضى، والتوبة لما يستقبل، فالاستغفار مقدمة للتوبة، كالتخلية قبل التحلية؛ ولذلك قرن الله بينهما، كما في قوله: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ) ولا ينفع الاستغفار مع الإصرار؛ لأنه إلى الاستهزاء أقرب منه إلى الحسنات “. اهـ.
قال أبو الحسن المباركفوري في مرعاة المفاتيح عن الفرق بينهما: ” التوبة هي: الندم على ما فرط في الماضي، والعزم على الامتناع منه في المستقبل، والاستغفار: طلب الغفران لما صدر منه، ولا يجب فيه العزم في المستقبل. “ اهـ.
وقال الامام ابن القيم في مدارج السالكين: ” الاستغفار نوعان: مفرد, ومقرون بالتوبة،
فالمفرد: كقول نوح – عليه السلام – لقومه: {استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا} [نوح: 10] وكقول صالح لقومه: {لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون} [النمل: 46] .. والمقرون كقوله تعالى: {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعًا حسنًا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله} [هود: 3] فالاستغفار المفرد كالتوبة، بل هو التوبة بعينها، مع تضمنه طلب المغفرة من الله، وهو محو الذنب, وإزالة أثره, ووقاية شره، فلا بد في لفظ المغفرة من الوقاية، وهذا الاستغفار هو الذي يمنع العذاب في قوله: {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] فإن الله لا يعذب مستغفرًا، وأما من أصر على الذنب، وطلب من الله مغفرته، فهذا ليس باستغفار مطلق؛ ولهذا لا يمنع العذاب، فالاستغفار يتضمن التوبة، والتوبة تتضمن الاستغفار، وكل منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق, وأما عند اقتران إحدى اللفظتين بالأخرى، فالاستغفار: طلب وقاية شر ما مضى، والتوبة: الرجوع, وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله. اهـ
Visits: 364