بسم الله الرحمن الرحيم
قال العلامة عبد العزيز الراجحي حفظه الله :
” المراد بالعلماء إذا أطلقوا في النصوص، المراد بهم علماء الشريعة، علماء الحق، علماء الآخرة، العلماء الربانيون الذين يعلمون ويعملون، الذين تحقق إيمانهم وعلمهم بالعمل، وأثمر العمل الصالح، هؤلاء العلماء هم الذين وردت فيهم النصوص وتكاثرت فيهم النصوص، وهم الذين أراد الله بهم خيرا، وهم الذين فقههم الله في الدين ، كما ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان عن معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
“من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ” .
قال العلماء: إن هذا الحديث له منطوق وله مفهوم، فمنطوق هذا الحديث أن من فقهه الله في الدين فقد أراد به خيرا، ومفهوم هذا الحديث: أن من لم يفقهه الله في الدين لم يرد به خيرا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وهذا يفيد حث المسلم على تعلم العلم، وما ذاك إلا لأن من فقهه الله في الدين فإنه يعبد الله على بصيرة، يعلم الحلال والحرام، يعلم الواجب، يعلم المحرم، يعلم المستحب، يعلم المباح، يعلم كيف يعبد ربه، يعلم الشرك فيجتنبه، يعلم الواجب فيؤديه، يعلم المحرم فيمتنع منه، يعلم المستحب فيسارع إليه، يعلم المكروه فيتورع ويتركه.. وهكذا.
ولذلك ترى العلماء هم ورثة الأنبياء ؛ لأنهم ورثوا العلم الشرعي كما في الحديث: ” العلماء ورثة الانبياء وان الانبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا ولكن ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر “.
فقد ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه مر بسوق المدينة ، فوقف عليها ، فقال : ” يا أهل السوق ، ما أعجزكم ” قالوا : وما ذاك يا أبا هريرة ؟
قال : ” ذاك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ، وأنتم هاهنا لا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه ” . قالوا : وأين هو ؟ قال : ” في المسجد “
فخرجوا سراعا إلى المسجد ، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا ،
فقال لهم : ” ما لكم ؟ ” قالوا : يا أبا هريرة فقد أتينا المسجد ، فدخلنا ، فلم نر فيه شيئا يقسم .
فقال لهم أبو هريرة : ” أما رأيتم في المسجد أحدا ؟ ” قالوا : بلى ، رأينا قوما يصلون ، وقوما يقرءون القرآن ، وقوما يتذاكرون الحلال والحرام .فقال لهم أبو هريرة: “ويحكم فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم” رواه الطبراني في الاوسط
فالعلم تكاثرت الأحاديث في فضله، وبيان فضل أهله وبيان منزلة العلماء، وأنهم أهل الله وخاصته كما في الحديث: ” أهل القران أهل الله وخاصته ” .
وإن العلماء هم الذين انتفعوا بالغيث الذي أنزله الله على محمد – صلى الله عليه وسلم- من الكتاب والسنة، هذا هو غيث القلوب كما في حديث أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – الذي رواه الشيخان: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ” مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ” رواه البخاري ومسلم .
فالعلماء الربانيون هم الذين أثنى الله عليهم في النصوص، وهم الذين رفعهم الله درجات، وهم الذين ميزهم الله عن غيرهم، والمراد بهم كما سبق علماء الشريعة، علماء الحلال والحرام، والعلماء بالله، العلماء الربانيون الذين يعلمون ويعملون، إذا أطلق العلم والعلماء في النصوص الشرعية فالمراد بهم علماء الشريعة.
وأما إذا أريد بالعالم العالم غير الشرعي، فلا بد من تقييده، يقيد، ولكن الناس في هذا الزمن انقلبت عليهم المفاهيم والموازين، فصاروا إذا أطلقوا العالم، يطلقون على عالم الفضاء، أو عالم الفلك، أو عالم الزراعة، أو عالم الطب، أو عالم الهندسة، هذا عالم لكن بقيد، ليس عالما بإطلاق، بل لا بد أن يقيد، يقال: هذا عالم فلك، عالم هندسة، عالم زراعة، عالم صيدلة، عالم طب.
أما إذا قيل العالم… إذا جاء في النصوص العالم فالمراد به العالم الشرعي، والناس في هذا الزمان عكسوا: فصاروا يطلقون العالم على علماء الفضاء ورواد الفضاء، يسمونهم علماء بإطلاق، وهذا خطأ. ” انتهى
قال العلامة الفقيه صالح الفوزان حفظه الله :
” إذا أطلق لفظ العلماء فإنه ينصرف إلى علماء الشريعة الذين هم ورثة الأنبياء؛ وعلماء الاختراع والصناعات الغالب أنهم جهال بعلم الشرع الذي يبين عظمة الله سبحانه وتعالى وجلاله، ومعرفة أسمائه وصفاته وأحكامه الشرعية ” اه
وقال أيضا : “والمراد بالعلماء أيضا علماء الشريعة الذين هم ورثة الأنبياء، فإن هؤلاء هم العلماء الذين يعرفون شرع الله سبحانه وتعالى، ويعرفون عظمة الله سبحانه وتعالى بما أعطاهم الله من العلم الذي جاء به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مبلغًا عن الله.
وليس المراد بالعلماء ما يفهمه بعض الناس أنهم أهل الاختراع وأهل الصناعات والاطلاع على أسرار الكون هؤلاء وإن كانوا علماء في مهنتهم ، لكن عملهم إضافي يخصص بتخصصاتهم، فيقال: عالم طبيعة، عالم كيميائي، عالم هندسة”اه
وقال أيضا : “يقول الله سبحانه وتعالى لما ذكر آياته الكونية في المخلوقات وتنوع ألوانها قال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [سورة فاطر: آية 28].
والمراد بالعلماء هنا أهل العلم الشرعي الموروث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي يُعرِّف بالله سبحانه وتعالى وبآياته وقدرته ونعمته على عباده، فأهل العلم بالله هم الذين يخشونه حق خشيته، وهذه من جملة الآيات التي فيها مدح العلماء والثناء عليهم؛ لأنهم هم الذين يخشون الله سبحانه وتعالى حق خشيته إذا كانوا يعلمون بعلمهم ويؤدون حقه عليهم بخلاف علماء الضلال فإنهم ليسوا كذلك…” اه
والمراد بالعلماء هنا أهل العلم الشرعي الموروث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي يُعرِّف بالله سبحانه وتعالى وبآياته وقدرته ونعمته على عباده، فأهل العلم بالله هم الذين يخشونه حق خشيته، وهذه من جملة الآيات التي فيها مدح العلماء والثناء عليهم؛ لأنهم هم الذين يخشون الله سبحانه وتعالى حق خشيته إذا كانوا يعلمون بعلمهم ويؤدون حقه عليهم بخلاف علماء الضلال فإنهم ليسوا كذلك…” اه
أخيرًا :
ما المقصود بالعلم في حديث من سلك طريقا يلتمس فيه علما ؟
استمع للاجابة :
والحمد لله رب العلمين .
Visits: 963