ما حكم التعامل مع البنوك الربوية بمعاملاتٍ مباحةٍ – الفقه – المعاملات

Home / الفقه / ما حكم التعامل مع البنوك الربوية بمعاملاتٍ مباحةٍ – الفقه – المعاملات
ما حكم التعامل مع البنوك الربوية بمعاملاتٍ مباحةٍ – الفقه – المعاملات
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالٌ وُجِّهَ للعلامة محمد بن علي فركوس الجزائري حفظه الله:
ما حكم التعامل مع البنوك الربوية بمعاملاتٍ مباحةٍ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالأصلُ تركُ التعامل مع البنوك الربوية مُطلقًا، ولو تجرَّدت المعاملة من الرِّبا المحرَّم، لِما في التعامل المباح مع هذه البنوك من الإقرار على الربا والرضى به مجسَّدًا بالتعاون على رباهم وتقويتهم عليه ودعم معاملاتهم الربوية،
 
مع لفت النظر إلى أنَّ معظم المعاملات المباحة مع البنوك الربوية تتضمَّن مخالفاتٍ شرعيةً ظاهرةَ البطلان كاشتراط التأمين التجاريِّ في الصفقات المباحة، والتأمين على كلِّ الأخطار، وأخذِ نسبةٍ على الضمان، واشتراط الاقتراض إذا باشر المتعاقد العملَ في المشروع مثلاً، وفرض غرامةٍ على التأخير ونحو ذلك.
ولا يخفى أنَّ العقود المباحة إذا ما اقترنت بها شروطٌ وقيودٌ فاسدةٌ فإنها إمَّا أن تصيِّر العقودَ باطلةً أو يبطل الشرطُ دون العقد، وكلا الحالتين لا تتمُّ في ظلِّ نظام البنوك والمصارف الربوية لعدم انتظامها بالحكم الشرعيِّ، لذلك كان التعامل منهيًّا عنه ومشمولاً بقوله تعالى﴿وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢].
وهذا في الأحوال العادية.
أمَّا عند قيام الحاجة والضرورة فإنَّ المسلم إذا احتاج أو اضطُرَّ إلى التعامل بالمعاملات المباحة مع البنوك الربوية التي لا يجد سبيلاً إلى غيرها فإنه يجوز له إذا دَعَتِ الضرورة بشرطها كتحويل الأموال عن طريق البنوك بأجرةٍ لقوله تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١١٩].
وشروط الضرورة هي :
أولاً: أن تكون الضرورةُ قائمةً بالفعل لا مُتوهَّمةً ولا مُنتظَرةً ولا مُتوقّعةً؛ لأنّ التوقُّعَ والتوهُّمَ لا يجوز أن تُبنى عليهما أحكامُ التخفيف.
ثـانيًا: أن تكون الضرورةُ مُلْجِئَةً بحيث يُخشى تلفُ نَفْسٍِ أو تضييعُ المصالحِ الضروريةِ وهي حِفظ الضرورياتِ الخمسِ: الدِّين، النفس، المال، العقل، العِرْض.
ثـالثًا: أن لا تكون للمضطرِّ لدفع الضرر عنه وسيلةٌ أخرى من المباحات إلاّ المخالفات الشرعية من الأوامر والنواهي.
رابـعًا: أن يقتصر المضطرُّ فيما يُباح للضرورة على القدر اللازم لدفع الضرر، أي: الحدّ الأدنى فيه، لذلك قُيّدت قاعدة «الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ المَحْظُورَاتِ» بقاعدةٍ متفرِّعةٍ: «تُقَدَّرُ الضُّرُورَاتُ بِقَدَرِهَا».
خـامسًا: أن يكون وقتُ الترخيصِ للمضطرِّ مقيَّدًا بزمنِ بقاءِ العُذر، فإذا زال العذرُ زَالَ الترخيصُ والإباحةُ، جريًا على قاعدة: «إِذَا زَالَ الخَطَرُ عَادَ الحَظْرُ» أو قاعدةِ: «إِذَا زَالَ المَانِعُ زَالَ المَمْنُوعُ» أو قاعدةِ: «مَا جَازَ لِعُذْرٍ بَطَلَ بِزَوَالِهِ».
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

Visits: 687