قال الامام ابن جرير الطبري في قوله تعالى: ” لتعارفوا ” : يقول ليعرف بعضكم بعضا في النسب يقول تعالى ذكره: إنما جعلنا هذه الشعوب والقبائل لكم أيها الناس ليعرف بعضكم بعضا في قرب ذي القرابة منه وبعده لا لفضيلة لكم في ذلك وقربة تقربكم إلى الله بل أكرمكم عند الله أتقاكم ” اه
قال الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: أي ليحصل التعارف بينهم كل يرجع إلى قبيلته، وقال مجاهد في قوله عز وجل: (لتعارفوا)، كما يقال فلان بن فلان من كذا وكذا أي قبيلة كذا وكذا. انتهى.
وقال الشوكاني في فتح القدير: ” والفائدة في التعارف أن ينتسب كل واحد منهم إلى نسبه، ولا يعتزى إلى غيره، والمقصود من هذا أن الله سبحانه خلقهم كذلك لهذه الفائدة، لا للتفاخر بأنسابهم، ودعوى أن هذا الشعب أفضل من هذا الشعب، وهذه القبيلة أكرم من هذه القبيلة، وهذا البطن أشرف من هذا البطن.” انتهى.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله : ” {وجعلنكم شعوباً وقبآئل} هل الحكمة من هذا الجعل أن يتفاخر الناس بعضهم على بعض، فيقول هذا الرجل: أنا من قريش، وهذا يقول أنا من كذا، أنا من كذا؟ ليس هذا المراد، المراد التعارف، أن يعرف الناس بعضهم بعضاً، إذ لولا هذا الذي صيره الله – عز وجل – ما عرف الإنسان من أي قبيلة، ولهذا كان من كبائر الذنوب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه ،
لأنه إذا انتسب إلى غير أبيه غير هذه الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهي أنهم شعوب وقبائل من أجل التعارف، فيقال: هذا فلان ابن فلان ابن فلان إلى آخر الجد الذي كان أباً للقبيلة، {لتعارفوا} أي: لا لتفاخروا بالأحساب والأنساب، {إن أكرمكم عند الله أتقكم} ليس الكرم أن يكون الإنسان من القبيلة الفلانية، أو من الشعب الفلاني، الكرم الحقيقي النافع هو الكرم عند الله، ويكون بالتقوى، فكلما كان الإنسان أتقى لله كان عند الله أكرم، فإذا أحببت أن تكون عند الله كريماً، فعليك بتقوى الله – عز وجل – والتقوى كلها الخير، وكلها البركة، وكلها سعادة في الدنيا والاخرة . ” اه
سئل العلامة الالباني رحمه الله : هل التعارف من السنة؟
الجواب : “غير صحيح أنه من السنة التعارف . هذا ليس من السنة في شيء . السنة هو إذا أحببت مسلماً في الله أن تعرفه بذلك، هذا هو السنة.
أما والله خلينا نتعارف: فلان ابن فلان، وفلان ابن فلان، وبشتغل كذا وموظف كذا وبدرس كذا، و إلى آخره، هذا تقليد أوروبي محض.
فإذا كان التعارف هو لمجرد التعارف، فهذا كالذي يتوضأ ولا يصلي، أما إذا كان يقصد من وراء ذلك يعني يمشي خطوة أخرى إلى إيجاد شيء من الترابط والتوادد والتحابب الذي لا بد منه فلا بأس منه، لكن شريطة ألا تتخذ سنة ” اه
Visits: 3473