بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من صام يوما في سبيل الله باعّد الله وجهه عن النار سبعين خريفا” رواه الشيخان
رواه الامام البخاري رحمه الله هذا الحديث في كتاب الجهاد والسير : ” باب فضل الصوم في سبيل الله “
ورواه الامام مسلم رحمه الله في كتاب الصيام وقد بوب عليه في شرح النووي : ” باب فضل الصيام في سبيل الله لمن يطيقه بلا ضرر ولا تفويت حق ” .
وقال النووي رحمه الله ( ج 8 / صـ 33 ) :” فيه فضيلة الصيام في سبيل الله وهو محمول على من لا يتضرر به ولا يفوت به حقاً ولا يختل به قتاله ولا غيره من مهمات غزوه ومعناه المباعدة عن النار والمعافاة منها والخريف السنة والمراد سبعين سنة ” أهـ
قال ابن الجوزي : إذا أطلق ذكر سبيل الله فالمراد به الجهاد .
قال الحافظ ابن حجر : ويحتمل أن يكون ما هو أعم من ذلك ، ثم وجدته في فوائد أبي طاهر الذهلي من طريق عبد الله بن عبد العزيز الليثي عن المقبري عن أبي هريرة بلفظ : “ما من مرابط يرابط في سبيل الله فيصوم يوما في سبيل الله ” الحديث .
قال ابن دقيق العيد : “العرف الأكثر استعماله في الجهاد ، فإن حمل عليه كانت الفضيلة لاجتماع العبادتين ، ويحتمل أن يراد بسبيل الله طاعته كيف كانت ، والأول أقرب ولا يعارض ذلك أن الفطر في الجهاد أولى لأن الصائم يضعف عن اللقاء لأن الفضل المذكور محمول على من لم يخش ضعفا ولا سيما من اعتاد به فصار ذلك من الأمور النسبية ، فمن لم يضعفه الصوم عن الجهاد فالصوم في حقه أفضل ليجمع بين الفضيلتين ” اه
قال ابن الأثير في النهاية 239/2 : ” سَبِيلُ اللَّهِ عَامٌّ يَقَعُ عَلَى كل عمل خَالِصٍ لِلَّهِ سَلَكَ بِهِ طَرِيقَ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ وَأَنْوَاعِ التَّطَوُّعَاتِ وَإِذَا أُطْلِقَ فَهُوَ فِي الْغَالِبِ وَاقِعٌ عَلَى الْجِهَادِ حَتَّى صَارَ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ كَأَنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ ”
وقال السندي في حاشيته على ابن ماجه 525/1 : قَوْلُهُ: ” فِي سَبِيلِ اللَّهِ “ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُجَرَّدُ إِخْلَاصِ النِّيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ صَامَ حَالَ كَوْنِهِ غَازِيًا وَالثَّانِي هُوَ الْمُتَبَادَرُ “.
وقال السندي في حاشيته على ابن ماجه 525/1 : قَوْلُهُ: ” فِي سَبِيلِ اللَّهِ “ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُجَرَّدُ إِخْلَاصِ النِّيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ صَامَ حَالَ كَوْنِهِ غَازِيًا وَالثَّانِي هُوَ الْمُتَبَادَرُ “.
ومن أقوى الأدلة على أن المراد من قوله : “في سبيل الله ” أي في الجهاد أو الغزو أو الرباط ما رواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث ابي سعيد الخدري مرفوعا : “مَا مِن عبدٍ يصوم يومًا في سبيل الله ابتغاءَ وجه الله إلَّا باعد الله بينه وبين النَّار سبعين خريفًا»،قال الشَّيخ الألبانيُّ في تعليقه على ابن خزيمة: «إسناده صحيح، رجاله رجال الصَّحيح».
أقول : قوله : “ في سبيل الله ابتغاء وجه الله “ يدل دلالة واضحه على أنَّ “ سبيل الله “ في الحديث ليس بمفهومه العام وإنما بمفهومه الخاص عند إطلاقه ألا وهو القتال الشرعي أو الرباط في سبيل الله
والتأسيس في الكلام مقدمٌ على التوكيد فَ” سبيل الله “ في الحديث ليست مرادفه لِ “ إبتغاء وجه الله “ -أي إخلاص العمل لله – إنما تحمل معنى آخر مغايرا وهو الجهاد أو الغزو أو الرباط سبيل الله ، فثبت المراد والحمد لله.
وممن ذهب من العلماء المعاصرين الى أن معنى سبيل الله – في هذا الحديث الذي نحن بصدده – هو الجهاد الشيخ الفقيه محمد بن صالح بن عثيمين والشيخ زيد المدخلي رحمهما الله والشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله.
والله أعلم والحمد لله رب العالمين .
Visits: 4291