من الآفات الخفية العامة

Home / الرئيسية / من الآفات الخفية العامة
من الآفات الخفية العامة
بسم الله الرحمن الرحيم 
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد : 
من الآفات الخفية العامة أن يكون العبد في نعمة أنعم الله بها عليه واختارها له فيملها العبد ويطلب الإنتقال منها إلى ما يزعم لجهله أنه خير له منها وربه برحمته لا يخرجه من تلك النعمة ويعذره بجهله وسوء اختياره لنفسه حتى إذا ضاق ذرعاً بتلك النعمة وسخطها وتبرّم بها واستحكم ملله لها سلبه الله إياها فإذا انتقل إلى ما طلبه ورأى التفاوت بين ما كان فيه وصار إليه اشتد قلقه وندمه وطلب العودة إلى ما كان فيه .
 

فإذا أراد الله بعبده خيراً ورشداً أشهده أن ما هو فيه نعمة من نعمه عليه ورضاه به وأوزعه شكره عليه فإذا حدثته نفسه بالإنتقال عنه استخار ربه استخارة جاهل بمصلحته عاجز عنها مفوض إلى الله طالب منه حسن اختياره له 

وليس على العبد أضر من ملله لنعم الله فإنه لا يراها نعمة ولا يشكره عليها ولا يفرح بها بل يسخطها ويشكو ويعدّها مصيبة هذا وهي من أعظم نعم الله عليه . 

 

فأكثر الناس أعداء نِعَم الله عليهم ولا يشعرون بفتح الله عليهم نِعَمَه وهم مجتهدون في دفعها وردها جهلاً وظلماً فكم سعت إلى أحدهم من نعمة وهو ساع في ردها بجهده وكم وصلت اليه وهو ساع في دفعها وزوالها بظلمه وجهله ، قال تعالى ( ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الأنفال 53.

فليس للنعم أعدى من نفس العبد فهو مع عدوه ظهير على نفسه فعدوه يطرح النار في نعمه وهو ينفخ فيها فهو الذي مكّنه من طرح النار ثم أعانه بالنفخ فإذا اشتدّ إضرامها استغاث من الحريق وكان من غايته معاتبة الأقدار ” اه

انتبه: على العبد أن يشكر الله سبحانه على ما أنعم عليه من النعم، فلا يزدريها أو يَمَلَّها، لكن لا ينشغل بهذه النِعَم عن المُنْعِم ، ولا يتعلَق بها أشدّ من تَعَلُّقِهِ بربه سبحانه فيعذّب بها في الدنيا قبل الآخرة.
 
ولذا يقول – رحمه الله – فى الداء والدواء : 
فَكُلُّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا غَيْرَ اللَّهِ عُذِّبَ بِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي هَذِهِ ا لدَّارِ :
1- فَهُوَ يُعَذَّبُ بِهِ قَبْلَ حُصُولِهِ حَتَّى يَحْصُلَ،
2- فَإِذَا حَصَلَ عُذِّبَ بِهِ حَالَ حُصُولِهِ بِالْخَوْفِ مِنْ سَلْبِهِ وَفَوَاتِهِ، وَالتَّنْغِيصِ وَالتَّنْكِيدِ عَلَيْهِ، وَأَنْوَاعٍ مِنَ الْعَذَابِ فِي هَذِهِ الْمُعَارَضَاتِ،
3- فَإِذَا سُلِبَهُ اشْتَدَّ عَلَيْهِ عَذَابُهُ،         
 فهذه ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْعَذَابِ فِي هَذِهِ الدَّارِ.” اه
 
والحمد لله رب العالمين

Visits: 33